اللّهُ عَلَيْهِ ضَالَّتَهُ.
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَنِ الاْبِقِ.
فَقَالَ: «اقْرَأْ: «أَوْ كَظُلُماتٍ فِى بَحْرٍ لُجِّىٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ» إِلى قَوْلِهِ: «وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ»۱» فَقَالَهَا الرَّجُلُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ الاْبِقُ.
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَنِ السَّرَقِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَزَالُ قَدْ يُسْرَقُ لِيَ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ لَيْلاً.
فَقَالَ: «اقْرَأْ إِذَا أَوَيْتَ إِلى فِرَاشِكَ: «قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ» إِلى قَوْلِهِ: «وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً»۲».
ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام: «مَنْ بَاتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ۳، فَقَرَأَ هذِهِ الاْيَةَ: «إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ» إِلى قَوْلِهِ: «تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ»۴ حَرَسَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ، وَ تَبَاعَدَتْ عَنْهُ الشَّيَاطِينُ».
قَالَ: فَمَضَى الرَّجُلُ، فَإِذَا هُوَ بِقَرْيَةٍ خَرَابٍ، فَبَاتَ فِيهَا، وَ لَمْ يَقْرَأْ هذِهِ الاْيَةَ، فَتَغَشَّاهُ۵ الشَّيْطَانُ، وَ إِذَا هُوَ آخِذٌ بِخَطْمِهِ۶، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: أَنْظِرْهُ۷، وَ اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ، فَقَرَأَ الاْيَةَ، فَقَالَ الشَّيْطَانُ لِصَاحِبِهِ: أَرْغَمَ۸ اللّهُ أَنْفَكَ، احْرُسْهُ الاْنَ حَتّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَجَعَ إِلى أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام، فَأَخْبَرَهُ، وَ قَالَ لَهُ: رَأَيْتُ فِي كَلاَمِكَ الشِّفَاءَ وَ الصِّدْقَ، وَ مَضى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِذَا هُوَ بِأَثَرِ شَعْرِ الشَّيْطَانِ مُجْتَمِعاً فِي الْأَرْضِ.
1.. النور ۲۴ : ۴۰ .
2.. الإسراء ۱۷ : ۱۱۰ ـ ۱۱۱ .
3.. «القَفْر» : الخالي من الأمكنة ، وربّما كان به كَلَأٌ قليل . ترتيب كتاب العين ، ج ۳ ، ص ۱۵۰۹ قفر.
4.. الأعراف ۷ : ۵۴ .
5.. يقال : غَشِيَه غِشيانا : إذا جاءه ، وغشّاه تَغْشِيَةً : إذا غطّاه . النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۶۹ غشي.
6.. الخَطْمُ من كلّ طائر : منقاره ، ومن كلّ دابّة : مقدّم الأنف والفم . المصباح المنير، ص ۱۷۴ خطم .
7.. «الإنظار» : التأخير والإمهال . يقال : أنظرته ، اُنظِره . النهاية ، ج ۵ ، ص ۷۸ نظر .
8.. أرغم اللّه أنْفَه ، أي ألصقه بالرَّغام ، وهو التراب . ثمّ استعمل في الذُّلّ والانقياد على كُره . النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۳۸ رغم .