695
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، فِي أَيِّ صُورَةٍ يَرْجِعُ؟
قَالَ: «فِي صُورَةِ رَجُلٍ شَاحِبٍ۱ مُتَغَيِّرٍ يُبْصِرُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ، فَيَأْتِي الرَّجُلَ مِنْ شِيعَتِنَا ـ الَّذِي كَانَ يَعْرِفُهُ وَ يُجَادِلُ بِهِ أَهْلَ الْخِلاَفِ ـ فَيَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ: مَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ يَا عَبْدَ اللّهِ».
قَالَ: «فَيَرْجِعُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْخَلْقِ الْأَوَّلِ، وَ يَقُولُ: مَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ الْقُرْآنُ: أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَ أَنْصَبْتُ۲ عَيْشَكَ، سَمِعْتَ الْأَذى، وَ رُجِمْتَ
بِالْقَوْلِ فِيَّ، أَلاَ وَ إِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ قَدِ اسْتَوْفى تِجَارَتَهُ، وَ أَنَا وَرَاءَكَ الْيَوْمَ».
قَالَ: «فَيَنْطَلِقُ بِهِ إِلى رَبِّ الْعِزَّةِ ـ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ـ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، عَبْدُكَ، وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ قَدْ كَانَ نَصِباً بِي، مُوَاظِباً عَلَيَّ، يُعَادى بِسَبَبِي، وَ يُحِبُّ فِيَّ وَ يُبْغِضُ، فَيَقُولُ اللّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَدْخِلُوا عَبْدِي جَنَّتِي، وَ اكْسُوهُ حُلَّةً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةَ، وَ تَوِّجُوهُ بِتَاجٍ، فَإِذَا فُعِلَ بِهِ ذلِكَ، عُرِضَ عَلَى الْقُرْآنِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَضِيتَ بِمَا صُنِعَ بِوَلِيِّكَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنِّي أَسْتَقِلُّ هذَا لَهُ، فَزِدْهُ مَزِيدَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، فَيَقُولُ: وَ عِزَّتِي وَ جَلاَلِي وَ عُلُوِّي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي، لَأَنْحَلَنَّ۳ لَهُ الْيَوْمَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ مَعَ الْمَزِيدِ لَهُ وَ لِمَنْ كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ، أَلاَ إِنَّهُمْ شَبَابٌ لاَ يَهْرَمُونَ، وَ أَصِحَّاءُ لاَ يَسْقُمُونَ، وَ أَغْنِيَاءُ لاَ يَفْتَقِرُونَ، وَ فَرِحُونَ لاَ يَحْزَنُونَ، وَ أَحْيَاءٌ لاَ يَمُوتُونَ» ثُمَّ تَلاَ هذِهِ الاْيَةَ: «لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى»۴.
قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ، وَ هَلْ يَتَكَلَّمُ الْقُرْآنُ؟
فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «رَحِمَ اللّهُ الضُّعَفَاءَ مِنْ شِيعَتِنَا؛ إِنَّهُمْ أَهْلُ تَسْلِيمٍ» ثُمَّ قَالَ: «نَعَمْ، يَا سَعْدُ، وَ الصَّلاَةُ تَتَكَلَّمُ، وَ لَهَا صُورَةٌ وَ خَلْقٌ، تَأْمُرُ وَ تَنْهى».

1.. شَحَب يَشحَب شُحُوبا ، أي تغيّر من سَفر ، أو هُزال ، أو عمل ، أو جوع . ترتيب كتاب العين ، ج ۲ ، ص ۸۲۹ .

2.. «النَّصب » : الإعياء والتَعب . ترتيب كتاب العين ، ج ۳ ، ص ۱۷۹۵ نصب .

3.. نَحَلْته أنْحَله نُحْلاً : مثل أعطيته شيئا من غير عوض بطيب نفسٍ . المصباح المنير ، ص ۵۹۵ نحل .

4.. الدخان ۴۴ : ۵۶ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
694

وَ صِفَتِهِ غَيْرَ أَنَّ الْجَزِيرَةَ الَّتِي أُصِيبَ فِيهَا كَانَتْ أَعْظَمَ هَوْلاً مِنَ الْجَزِيرَةِ الَّتِي أُصِبْنَا فِيهَا؛ فَمِنْ هُنَاكَ أُعْطِيَ مِنَ الْبَهَاءِ وَ الْجَمَالِ وَ النُّورِ مَا لَمْ نُعْطَهُ.
ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتّى يَأْتِيَ صَفَّ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ فِي صُورَةِ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، فَيَنْظُرُ
النَّبِيُّونَ وَ الْمُرْسَلُونَ إِلَيْهِ، فَيَشْتَدُّ لِذلِكَ تَعَجُّبُهُمْ، وَ يَقُولُونَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، إِنَّ هذَا النَّبِيَّ مُرْسَلٌ نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ أُعْطِيَ فَضْلاً كَثِيراً».
قَالَ: «فَيَجْتَمِعُونَ فَيَأْتُونَ رَسُولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَيَسْأَلُونَهُ، وَ يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ هذَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: أَ وَ مَا تَعْرِفُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: مَا نَعْرِفُهُ، هذَا مِمَّنْ لَمْ يَغْضَبِ اللّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: هذَا حُجَّةُ اللّهِ عَلى خَلْقِهِ، فَيُسَلِّمُ.
ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتّى يَأْتِيَ عَلى صَفِّ الْمَلاَئِكَةِ فِي صُورَةِ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، فَتَنْظُرُ إِلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ، فَيَشْتَدُّ تَعَجُّبُهُمْ، وَ يَكْبُرُ ذلِكَ عَلَيْهِمْ؛ لِمَا رَأَوْا مِنْ فَضْلِهِ، وَ يَقُولُونَ: تَعَالى رَبُّنَا وَ تَقَدَّسَ، إِنَّ هذَا الْعَبْدَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ نَعْرِفُهُ بِسَمْتِهِ وَ صِفَتِهِ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْمَلاَئِكَةِ إِلَى اللّهِ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ مَقَاماً؛ فَمِنْ هُنَاكَ أُلْبِسَ مِنَ النُّورِ وَ الْجَمَالِ مَا لَمْ نُلْبَسْ.
ثُمَّ يُجَاوِزُ حَتّى يَنْتَهِيَ إِلى رَبِّ الْعِزَّةِ ـ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ـ فَيَخِرُّ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُنَادِيهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالى: يَا حُجَّتِي فِي الْأَرْضِ وَ كَلاَمِيَ الصَّادِقَ النَّاطِقَ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَ سَلْ تُعْطَ، وَ اشْفَعْ تُشَفَّعْ۱، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالى: كَيْفَ رَأَيْتَ عِبَادِي؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مِنْهُمْ مَنْ صَانَنِي وَ حَافَظَ عَلَيَّ وَ لَمْ يُضَيِّعْ شَيْئاً، وَ مِنْهُمْ مَنْ ضَيَّعَنِي وَ اسْتَخَفَّ بِحَقِّي وَ كَذَّبَ بِي، وَ أَنَا حُجَّتُكَ عَلى جَمِيعِ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالى: وَ عِزَّتِي وَ جَلاَلِي وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي، لَأُثِيبَنَّ عَلَيْكَ الْيَوْمَ أَحْسَنَ الثَّوَابِ، وَ لَأُعَاقِبَنَّ عَلَيْكَ الْيَوْمَ أَلِيمَ الْعِقَابِ».
قَالَ: «فَيَرْجِعُ الْقُرْآنُ رَأْسَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرى».

1.. «الشفاعة » : هي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم . والمُشَفَّع : من تقبل شفاعتُه . مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۳۵۳ .

تعداد بازدید : 19391
صفحه از 803
پرینت  ارسال به