رَبِّ، مَنْ أَرْجُوهُ إِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي؟ أَوْ مَنْ يَعُودُ عَلَيَّ إِنْ أَقْصَيْتَنِي؟ أَوْ مَنْ يَنْفَعُنِي عَفْوُهُ إِنْ عَاقَبْتَنِي؟ أَوْ مَنْ آمُلُ عَطَايَاهُ إِنْ حَرَمْتَنِي؟ أَوْ مَنْ يَمْلِكُ كَرَامَتِي إِنْ أَهَنْتَنِي؟ أَوْ مَنْ يَضُرُّنِي هَوَانُهُ إِنْ أَكْرَمْتَنِي؟
رَبِّ، مَا أَسْوَأَ فِعْلِي! وَ أَقْبَحَ عَمَلِي! وَ أَقْسى قَلْبِي! وَ أَطْوَلَ أَمَلِي! وَ أَقْصَرَ أَجَلِي ! وَ أَجْرَأَنِي عَلى عِصْيَانِ مَنْ خَلَقَنِي!
رَبِّ، وَ مَا أَحْسَنَ بَلاَءَكَ عِنْدِي! وَ أَظْهَرَ نَعْمَاءَكَ عَلَيَّ! كَثُرَتْ عَلَيَّ مِنْكَ النِّعَمُ فَمَا أُحْصِيهَا، وَ قَلَّ مِنِّيَ الشُّكْرُ فِيمَا أَوْلَيْتَنِيهِ، فَبَطِرْتُ۱ بِالنِّعَمِ، وَ تَعَرَّضْتُ لِلنِّقَمِ، وَ سَهَوْتُ عَنِ الذِّكْرِ، وَ رَكِبْتُ الْجَهْلَ بَعْدَ الْعِلْمِ، وَ جُزْتُ مِنَ الْعَدْلِ إِلَى الظُّلْمِ، وَ جَاوَزْتُ الْبِرَّ۲ إِلَى الاْءِثْمِ، وَ صِرْتُ إِلَى الْهَرَبِ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْحُزْنِ، فَمَا أَصْغَرَ حَسَنَاتِي وَ أَقَلَّهَا فِي كَثْرَةِ ذُنُوبِي! وَ مَا أَكْثَرَ ذُنُوبِي وَ أَعْظَمَهَا عَلى قَدْرِ صِغَرِ خَلْقِي وَ ضَعْفِ رُكْنِي۳!
رَبِّ، وَ مَا أَطْوَلَ أَمَلِي فِي قِصَرِ أَجَلِي! وَ أَقْصَرَ أَجَلِي فِي بُعْدِ أَمَلِي! وَ مَا أَقْبَحَ سَرِيرَتِي فِي عَلاَنِيَتِي!
رَبِّ، لاَ حُجَّةَ لِي إِنِ احْتَجَجْتُ، وَ لاَ عُذْرَ لِي إِنِ اعْتَذَرْتُ، وَ لاَ شُكْرَ عِنْدِي إِنِ ابْتُلِيتُ، وَ أُولِيتُ۴ إِنْ لَمْ تُعِنِّي عَلى شُكْرِ مَا أُولِيتُ.
رَبِّ، مَا أَخَفَّ مِيزَانِي غَداً إِنْ لَمْ تُرَجِّحْهُ! وَ أَزَلَّ لِسَانِي إِنْ لَمْ تُثَبِّتْهُ! وَ أَسْوَدَ وَجْهِي إِنْ لَمْ تُبَيِّضْهُ!
رَبِّ، كَيْفَ لِي بِذُنُوبِيَ الَّتِي سَلَفَتْ مِنِّي قَدْ هَدَّتْ لَهَا أَرْكَانِي؟
1.. «البَطَر » : الطغيان عند النعمة وطولِ الغنى . النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۳۵ بطر.
2.. «البِرّ » : الطاعة والعبادة . النهاية، ج ۱ ، ص ۱۱۶ برر.
3.. في شرح المازندراني : «ركن كلّ شخص جوارحه وجوانبه التي يستند إليها ويقوم بها ، وأيضا عشيرته الذين يستند إليهم كما يستند إلى الركن من الحائط . والأوّل هنا أنسب ، والثاني محتمل » .
4.. في شرح المازندراني : «الابتلاء كما يكون بالمحنة والعطيّة كذلك يكون بالمحنة والبليّة ، وهي أولى بالإرادة هنا ؛ للفرار عن وسمة التكرار . وفيه دلالة على أنّه تعالى يستحقّ الشكر في الحالين » .