63
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام يَقُولُ: «لَوْ عَلِمَ النَّاسُ كَيْفَ خَلَقَ اللّهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ هذَا الْخَلْقَ، لَمْ يَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً»۱.
فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللّهُ، فَكَيْفَ ذَاكَ؟
فَقَالَ: «إِنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ خَلَقَ أَجْزَاءً بَلَغَ بِهَا تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً، ثُمَّ جَعَلَ الْأَجْزَاءَ أَعْشَاراً، فَجَعَلَ الْجُزْءَ عَشْرَةَ أَعْشَارٍ، ثُمَّ قَسَمَهُ بَيْنَ الْخَلْقِ، فَجَعَلَ فِي رَجُلٍ عُشْرَ جُزْءٍ، وَفِي آخَرَ عُشْرَيْ جُزْءٍ حَتّى بَلَغَ بِهِ جُزْءاً تَامّاً، وَفِي آخَرَ جُزْءاً وَعُشْرَ جُزْءٍ، وَ آخَرَ جُزْءاً وَعُشْرَيْ جُزْءٍ، وَ آخَرَ جُزْءاً وَثَلاَثَةَ أَعْشَارِ جُزْءٍ، حَتّى بَلَغَ بِهِ جُزْءَيْنِ تَامَّيْنِ، ثُمَّ بِحِسَابِ ذلِكَ حَتّى بَلَغَ بِأَرْفَعِهِمْ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً، فَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ إِلاَّ عُشْرَ جُزْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْعُشْرَيْنِ، وَكَذلِكَ صَاحِبُ الْعُشْرَيْنِ لاَ يَكُونُ مِثْلَ صَاحِبِ الثَّلاَثَةِ الْأَعْشَارِ، وَكَذلِكَ مَنْ تَمَّ لَهُ جُزْءٌ لاَ يَقْدِرُ عَلى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْجُزْءَيْنِ، وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلَقَ هذَا الْخَلْقَ عَلى هذَا، لَمْ يَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً».

۱۵۳۳.۲. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الْخَزَّازِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَرَاطِيسِيِّ، قَالَ:

قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ، إِنَّ الاْءِيمَانَ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، بِمَنْزِلَةِ السُّلَّمِ يُصْعَدُ مِنْهُ مِرْقَاةً بَعْدَ مِرْقَاةٍ، فَلاَ يَقُولَنَّ صَاحِبُ الاِثْنَيْنِ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ: لَسْتَ عَلى شَيْءٍ حَتّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْعَاشِرِ، فَلاَ تُسْقِطْ مَنْ هُوَ دُونَكَ ؛ فَيُسْقِطَكَ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ، وَإِذَا

1.. في مرآة العقول ، ج ۷ ، ص ۲۷۷ : «لم يلم أحد أحدا ، أي في عدم فهم الدقائق والقصور عن بعض المعارف ، أو في عدم اكتساب الفضائل والأخلاق الحسنة وترك الإتيان بالنوافل والمستحبّات ، وإلاّ فكيف يستقيم عدم الملامة على ترك الفرائض والواجبات وفعل الكبائر والمحرّمات ؟ وقد مرّ أنّ اللّه‏ تعالى لايكلّف الناس إلاّ بقدر وسعهم ، وليسوا بمجبورين في فعل المعاصي ولا في ترك الواجبات ؛ لكن يمكن أن لايكون في وسع بعضهم معرفة دقائق الاُمور وغوامض الأسرار ، فلم يكلّفوا بها ؛ وكذا عن تحصيل بعض مراتب الإخلاص واليقين وغيرها من المكارم ، فليسوا بملومين بتركها . فالتكاليف بالنسبة إلى العباد مختلفة بحسب اختلاف قابليّاتهم واستعداداتهم» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
62

وَ سَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً: إِنَّ رَجُلاً كَانَ لَهُ جَارٌ وَكَانَ نَصْرَانِيّاً، فَدَعَاهُ إِلَى الاْءِسْلاَمِ، وَزَيَّنَهُ لَهُ، فَأَجَابَهُ، فَأَتَاهُ سُحَيْراً، فَقَرَعَ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ هذَا؟ قَالَ: أَنَا فُلاَنٌ، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ: تَوَضَّأْ، وَالْبَسْ ثَوْبَيْكَ، وَمُرَّ بِنَا إِلَى الصَّلاَةِ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ، وَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ، وَخَرَجَ مَعَهُ، قَالَ: فَصَلَّيَا مَا شَاءَ اللّهُ، ثُمَّ صَلَّيَا الْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَا حَتّى أَصْبَحَا، فَقَامَ الَّذِي كَانَ نَصْرَانِيّاً يُرِيدُ مَنْزِلَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ النَّهَارُ قَصِيرٌ، وَالَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الظُّهْرِ قَلِيلٌ، قَالَ: فَجَلَسَ مَعَهُ إِلى أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَلِيلٌ، فَاحْتَبَسَهُ حَتّى صَلَّى الْعَصْرَ، قَالَ: ثُمَّ قَامَ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلى
مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هذَا آخِرُ النَّهَارِ، وَأَقَلُّ مِنْ أَوَّلِهِ، فَاحْتَبَسَهُ حَتّى صَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا بَقِيَتْ صَلاَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ: فَمَكَثَ حَتّى صَلَّى الْعِشَاءَ الاْخِرَةَ، ثُمَّ تَفَرَّقَا.
فَلَمَّا كَانَ سُحَيْراً۱ غَدَا عَلَيْهِ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هذَا؟ قَالَ: أَنَا فُلاَنٌ، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَوَضَّأْ، وَالْبَسْ ثَوْبَيْكَ، وَاخْرُجْ بِنَا، فَصَلِّ، قَالَ: اطْلُبْ لِهذَا الدِّينِ مَنْ هُوَ أَفْرَغُ مِنِّي، وَأَنَا إِنْسَانٌ مِسْكِينٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ».
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «أَدْخَلَهُ فِي شَيْءٍ۲ أَخْرَجَهُ مِنْهُ» أَوْ قَالَ: «أَدْخَلَهُ مِنْ مِثْلِ ذِهْ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ مِثْلِ هذَا».

۲۱ ـ بَابٌ آخَرُ مِنْهُ

۱۵۳۲.۱. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبَانٍ، عَنْ شِهَابٍ، قَالَ:

1.. اتّفقت النسخ على نصب «سحيرا» فهو خبر «كان» واسمه راجع إلى الزمان . ويجوز رفعه وكون «كان» تامّة .

2.. في مرآة العقول : «أدخله في شيء» أي من الإسلام صار سببا لخروجه من الإسلام .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18182
صفحه از 803
پرینت  ارسال به