59
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

الْمُقَصِّرِينَ ؛ لِأَنَّا نَجِدُ مِنَ الْمُؤمِنِينَ مِنَ الاْخِرِينَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَمَلاً مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَأَكْثَرُهُمْ صَلاَةً وَصَوْماً وَحَجّاً وَزَكَاةً وَجِهَاداً وَإِنْفَاقاً، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَوَابِقُ يَفْضُلُ بِهَا الْمُؤمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عِنْدَ اللّهِ، لَكَانَ الاْخِرُونَ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ مُقَدَّمِينَ عَلَى الْأَوَّلِينَ، وَلكِنْ أَبَى اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يُدْرِكَ آخِرُ دَرَجَاتِ الاْءِيمَانِ أَوَّلَهَا، وَيُقَدَّمَ فِيهَا مَنْ أَخَّرَ اللّهُ،
أَوْ يُؤخَّرَ فِيهَا مَنْ قَدَّمَ اللّهُ».
قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَمَّا نَدَبَ۱ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْمُؤمِنِينَ إِلَيْهِ مِنَ الاِسْتِبَاقِ إِلَى الاْءِيمَانِ.
فَقَالَ: «قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ»۲ وَ قَالَ: «وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ»۳ وَ قَالَ: «وَ السّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»۴ فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ عَلى دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ، ثُمَّ ثَنّى بِالْأَنْصَارِ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلى قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا فَضَّلَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ (فَوْقَ بَعْضٍ۵) دَرَجاتٍ»۶ إِلى آخِرِ الاْيَةِ. وَقَالَ: «وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ»۷ وَقَالَ: «انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلاْخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً»۸ وَقَالَ: «هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللّهِ»۹ وَقَالَ: «وَ

1.. «ندب إليه» ، أي دعا إليه . يقال : ندبتُه فانتَدَب ، أي بعثتُه ودعوتُه فأجاب . النهاية ، ج ۵ ، ص ۳۴ ندب .

2.. الحديد ۵۷ : ۲۱ .

3.. الواقعة ۵۶ : ۱۰ ـ ۱۱ .

4.. التوبة ۹ : ۱۰۰ .

5.. في مرآة العقول : «وفى المصاحف : «وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَـتٍ» وليس فيها «فوق بعض» فالزيادة إمّا من الرواة أو النسّاخ ، أو منه عليه‏السلامزاده للبيان والتفسير ، وهذه الزيادة مذكورة في سورة الزخرف [ ۴۳ :۳۲ ] ، حيث قال : «نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ رَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـتٍ» فيحتمل أن يكون الزيادة للإشارة إلى الآيتين» .

6.. البقرة ۲ : ۲۵۳ .

7.. الإسراء ۱۷ : ۵۵ .

8.. الإسراء ۱۷ : ۲۱ .

9.. آل عمران ۳ : ۱۶۳ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
58

وَقَالَ: إِنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا، وَيَقُولُونَ: كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ عِنْدَنَا هُوَ الْكَافِرُ عِنْدَ اللّهِ، فَكَذلِكَ نَجِدُ الْمُؤمِنَ إِذَا أَقَرَّ بِإِيمَانِهِ أَنَّهُ عِنْدَ اللّهِ مُؤمِنٌ ـ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللّهِ! وَكَيْفَ يَسْتَوِي هذَانِ؟! وَالْكُفْرُ إِقْرَارٌ مِنَ الْعَبْدِ، فَلاَ يُكَلَّفُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِبَيِّنَةٍ، وَالاْءِيمَانُ دَعْوًى لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ، وَبَيِّنَتُهُ عَمَلُهُ وَنِيَّتُهُ، فَإِذَا اتَّفَقَا فَالْعَبْدُ عِنْدَ اللّهِ مُؤمِنٌ، وَالْكُفْرُ مَوْجُودٌ بِكُلِّ جِهَةٍ مِنْ هذِهِ الْجِهَاتِ الثَّلاَثِ: مِنْ نِيَّةٍ، أَوْ قَوْلٍ، أَوْ عَمَلٍ، وَالْأَحْكَامُ تَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْمُؤمِنُونَ بِالاْءِيمَانِ، وَيَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُؤمِنِينَ وَهُوَ عِنْدَ اللّهِ كَافِرٌ، وَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَجْرى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُؤمِنِينَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ».

۱۹ ـ بَابُ السَّبْقِ إِلَى الاْءِيمَانِ

۱۵۲۹.۱. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الزُّبَيْرِيُّ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِلاْءِيمَانِ دَرَجَاتٍ وَمَنَازِلَ يَتَفَاضَلُ الْمُؤمِنُونَ فِيهَا عِنْدَ اللّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: صِفْهُ لِي ـ رَحِمَكَ اللّهُ ـ حَتّى أَفْهَمَهُ.
قَالَ: «إِنَّ اللّهَ سَبَّقَ بَيْنَ الْمُؤمِنِينَ كَمَا يُسَبَّقُ بَيْنَ الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ۱، ثُمَّ فَضَّلَهُمْ عَلى دَرَجَاتِهِمْ فِي السَّبْقِ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ كُلَّ امْرِىًٔمِنْهُمْ عَلى دَرَجَةِ سَبْقِهِ، لاَ يَنْقُصُهُ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ، وَلاَ يَتَقَدَّمُ مَسْبُوقٌ سَابِقاً، وَلاَ مَفْضُولٌ فَاضِلاً، تَفَاضَلَ بِذلِكَ أَوَائِلُ هذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَوَاخِرُهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّابِقِ إِلَى الاْءِيمَانِ فَضْلٌ عَلَى الْمَسْبُوقِ، إِذاً لَلَحِقَ آخِرُ هذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، نَعَمْ، وَلَتَقَدَّمُوهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ إِلَى الاْءِيمَانِ الْفَضْلُ عَلى مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ، وَلكِنْ بِدَرَجَاتِ الاْءِيمَانِ قَدَّمَ اللّهُ السَّابِقِينَ، وَبِالاْءِبْطَاءِ عَنِ الاْءِيمَانِ أَخَّرَ اللّهُ

1.. المراهنة والرهان بالكسر : المسابقة على الخيل . الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۱۲۸ .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18179
صفحه از 803
پرینت  ارسال به