51
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

بِفَرْضٍ مِنَ اللّهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ يَنْطِقُ بِهِ الْكِتَابُ لَهَا وَيَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهَا.
فَفَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ، وَفَرَضَ عَلَى السَّمْعِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ، وَفَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ، وَفَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ، وَفَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ، وَفَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ، وَفَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ.
فَأَمَّا مَا فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الاْءِيمَانِ، فَالاْءِقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالْعَقْدُ وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ بِأَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، إِلهاً وَاحِداً لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ـ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ ـ وَالاْءِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ كِتَابٍ.
فَذلِكَ مَا فَرَضَ اللّهُ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الاْءِقْرَارِ وَالْمَعْرِفَةِ وَهُوَ عَمَلُهُ، وَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاْءِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً»۱ وَقَالَ: «أَلا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»۲ وَقَالَ: «الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤمِنْ قُلُوبُهُمْ»۳ وَقَالَ: «وَإِنْ تُبْدُوا ما فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ»۴ فَذلِكَ مَا فَرَضَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الاْءِقْرَارِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ عَمَلُهُ، وَهُوَ رَأْسُ الاْءِيمَانِ.
وَفَرَضَ اللّهُ عَلَى اللِّسَانِ الْقَوْلَ وَالتَّعْبِيرَ عَنِ الْقَلْبِ بِمَا عَقَدَ۵ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهِ ؛ قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: «وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً»۶، وَقَالَ: «قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»۷ فَهذَا مَا فَرَضَ اللّهُ عَلَى اللِّسَانِ وَهُوَ عَمَلُهُ.

1.. النحل ۱۶ : ۱۰۶ .

2.. الرعد ۱۳ : ۲۸ .

3.. المائدة ۵ : ۴۱ .

4.. البقرة ۲ : ۲۸۴ .

5.. «العقد» : الجمع بين أطراف الشيء . ويستعمل ذلك في الأجسام الصُلبة ، كعقد الحبل ، وعقد البناء ، ثمّ يستعار ذلك للمعاني نحو : عقد البيع . واعتقدت كذا : عقدت عليه القلب والضمير . المفردات للراغب ، ص ۵۷۶ ؛ المصباح المنير ، ص ۴۲۱ عقد .

6.. البقرة ۲ : ۸۳ .

7.. في مرآة العقول : «ثمّ إنّ الآية الثانية ليست في المصاحف هكذا» . ثمّ ذكر الآية ۱۳۶ من البقرة ۲ ، والآية ۴۶ من العنكبوت (۲۹) وقال : «فالظاهر أنّ التغيير من النسّاخ ، أو نقل الآيتين بالمعنى .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
50

قَالَ: «الاْءِيمَانُ بِاللّهِ ـ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ ـ أَعْلَى الْأَعْمَالِ دَرَجَةً، وَأَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً، وَأَسْنَاهَا حَظّاً».
قَالَ: قُلْتُ: أَ لاَ تُخْبِرُنِي عَنِ الاْءِيمَانِ: أَ قَوْلٌ هُوَ وَعَمَلٌ، أَمْ قَوْلٌ بِلاَ عَمَلٍ؟
فَقَالَ: «الاْءِيمَانُ عَمَلٌ كُلُّهُ، وَالْقَوْلُ بَعْضُ ذلِكَ الْعَمَلِ بِفَرْضٍ مِنَ اللّهِ بَيِّنٍ فِي كِتَابِهِ، وَاضِحٍ نُورُهُ، ثَابِتَةٍ حُجَّتُهُ، يَشْهَدُ لَهُ بِهِ الْكِتَابُ، وَيَدْعُوهُ۱ إِلَيْهِ».
قَالَ: قُلْتُ: صِفْهُ لِي جُعِلْتُ فِدَاكَ، حَتّى أَفْهَمَهُ.
قَالَ: «الاْءِيمَانُ حَالاَتٌ وَدَرَجَاتٌ وَطَبَقَاتٌ وَمَنَازِلُ ؛ فَمِنْهُ التَّامُّ الْمُنْتَهِي تَمَامُهُ، وَمِنْهُ النَّاقِصُ الْبَيِّنُ نُقْصَانُهُ، وَمِنْهُ الرَّاجِحُ الزَّائِدُ رُجْحَانُهُ».
قُلْتُ: إِنَّ الاْءِيمَانَ لَيَتِمُّ وَيَنْقُصُ وَيَزِيدُ؟
قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: كَيْفَ ذلِكَ؟ قَالَ: «لِأَنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ فَرَضَ الاْءِيمَانَ عَلى جَوَارِحِ ابْنِ آدَمَ، وَقَسَّمَهُ عَلَيْهَا، وَفَرَّقَهُ فِيهَا ؛ فَلَيْسَ مِنْ جَوَارِحِهِ جَارِحَةٌ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَتْ مِنَ الاْءِيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِّلَتْ بِهِ أُخْتُهَا، فَمِنْهَا قَلْبُهُ الَّذِي بِهِ يَعْقِلُ وَيَفْقَهُ وَيَفْهَمُ، وَهُوَ أَمِيرُ بَدَنِهِ الَّذِي لاَ تَرِدُ الْجَوَارِحُ وَلاَ تَصْدُرُ۲ إِلاَّ عَنْ رَأْيِهِ وَأَمْرِهِ، وَمِنْهَا عَيْنَاهُ اللَّتَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَأُذُنَاهُ اللَّتَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا، وَيَدَاهُ اللَّتَانِ يَبْطِشُ۳ بِهِمَا، وَرِجْلاَهُ اللَّتَانِ يَمْشِي بِهِمَا، وَفَرْجُهُ الَّذِي الْبَاهُ۴ مِنْ قِبَلِهِ، وَلِسَانُهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَرَأْسُهُ الَّذِي فِيهِ وَجْهُهُ، فَلَيْسَ مِنْ هذِهِ جَارِحَةٌ إِلاَّ وَ قَدْ وُكِّلَتْ مِنَ الاْءِيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِّلَتْ بِهِ أُخْتُهَا

1.. في الوافي : «واضح نوره» صفةٌ للفرض ، وكذا «ثابتة حجّته» . «يشهد له» أي لكونه عملاً ، أو للعامل . «به» أي بذلك الفرض . و«يدعوه إليه» أي يدعو العامل إلى ذلك الفرض .

2.. في مرآة العقول : «الورود : حضور الماء للشرب ، والصدر والصدور : الانصراف عنه ، وهذا مثل في أنّها لا تفعل شيئا إلاّ بأمره .

3.. «البَطْش» : الأخذ القويّ الشديد . النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۳۵ بطش .

4.. في مرآة العقول : «والباه ، في بعض النسخ بدون الهمزة ، وفي بعضها بها» . وقال الجوهري : «الباه مثال الجاه : لغة في الباءة وهي الجماع» . الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۲۸ بوه .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18661
صفحه از 803
پرینت  ارسال به