469
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

قُلْتُ: وَ هَلْ تَعْدُو أَنْ تَكُونَ مُؤمِنَةً أَوْ كَافِرَةً ؟ فَقَالَ: «تَصُومُ وَ تُصَلِّي وَ تَتَّقِي اللّهَ، وَ لاَ تَدْرِي مَا أَمْرُكُمْ» فَقُلْتُ: قَدْ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤمِنٌ»۱ لاَ وَ اللّهِ، لاَ يَكُونُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسَ بِمُؤمِنٍ وَ لاَ كَافِرٍ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‏السلام: «قَوْلُ اللّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِكَ يَا زُرَارَةُ، أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ»۲ فَلِمَا قَالَ: عَسى؟» فَقُلْتُ: مَا هُمْ إِلاَّ مُؤمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ، قَالَ: فَقَالَ: «مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً»۳ إِلَى الاْءِيمَانِ؟». فَقُلْتُ: مَا هُمْ إِلاَّ مُؤمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ، فَقَالَ: «وَ اللّهِ، مَا هُمْ بِمُؤمِنِينَ وَلاَ كَافِرِينَ».
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُ فِي أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ؟» فَقُلْتُ: مَا هُمْ إِلاَّ مُؤمِنِينَ أَوْ كَافِرِينَ، إِنْ دَخَلُوا الْجَنَّةَ فَهُمْ مُؤمِنُونَ، وَ إِنْ دَخَلُوا النَّارَ فَهُمْ كَافِرُونَ، فَقَالَ: «وَ اللّهِ، مَا هُمْ بِمُؤمِنِينَ وَ لاَ كَافِرِينَ، وَ لَوْ كَانُوا مُؤمِنِينَ لَدَخَلُوا الْجَنَّةَ كَمَا دَخَلَهَا الْمُؤمِنُونَ، وَ لَوْ كَانُوا كَافِرِينَ لَدَخَلُوا النَّارَ كَمَا دَخَلَهَا الْكَافِرُونَ، وَ لكِنَّهُمْ قَوْمٌ قَدِ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَ سَيِّئَاتُهُمْ، فَقَصُرَتْ بِهِمُ الْأَعْمَالُ، وَ إِنَّهُمْ لَكَمَا قَالَ اللّهُ عَزَّ وَ جَلَّ».
فَقُلْتُ: أَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ هُمْ، أَمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ: «اتْرُكْهُمْ حَيْثُ تَرَكَهُمُ اللّهُ». قُلْتُ: أَ فَتُرْجِئُهُمْ۴؟ قَالَ: «نَعَمْ، أُرْجِئُهُمْ كَمَا أَرْجَأَهُمُ اللّهُ، إِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَ إِنْ شَاءَ سَاقَهُمْ إِلَى النَّارِ بِذُنُوبِهِمْ وَ لَمْ يَظْلِمْهُمْ».
فَقُلْتُ: هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ؟ قَالَ: «لاَ» قُلْتُ: فَهَلْ يَدْخُلُ النَّارَ إِلاَّ كَافِرٌ؟ قَالَ: فَقَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللّهُ، يَا زُرَارَةُ إِنَّنِي أَقُولُ: مَا شَاءَ اللّهُ، وَ أَنْتَ لاَ تَقُولُ: مَا شَاءَ اللّهُ، أَمَا إِنَّكَ إِنْ كَبِرْتَ، رَجَعْتَ وَ تحَلَّلَتْ عَنْكَ عُقَدُكَ۵».

1.. التغابن ۶۴ : ۲ .

2.. التوبة ۹ : ۱۰۲.

3.. النساء ۴ : ۹۸ .

4.. أرجأتُ الشيء: أخّرتُه . ترتيب كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۶۵۴ رجأ.

5.. العِقْد: القِلادَة. وتَحَلَّلَتْ عُقَدُه: سكن غَضَبُه. القاموس المحيط، ج۲، ص ۱۳۰۵ حلل؛ وج۱، ص۴۳۶ (عقد).


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
468

وَ مَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ؟ فَقَالَ: «وَ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذلِكَ؟» فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُنِي إِلاَّ أَنَّنِي أَخْشى أَنْ لاَ تَحِلَّ لِي مُنَاكَحَتُهُمْ، فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ: «فَكَيْفَ تَصْنَعُ وَ أَنْتَ شَابٌّ؟ أَ تَصْبِرُ؟» قُلْتُ: أَتَّخِذُ الْجَوَارِيَ، قَالَ: «فَهَاتِ الاْنَ، فَبِمَا تَسْتَحِلُّ الْجَوَارِيَ؟» قُلْتُ: إِنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ، إِنْ رَابَتْنِي بِشَيْءٍ بِعْتُهَا وَ اعْتَزَلْتُهَا، قَالَ: «فَحَدِّثْنِي بِمَا اسْتَحْلَلْتَهَا؟» قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي جَوَابٌ.
فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا تَرى أَتَزَوَّجُ؟ فَقَالَ: «مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ» قُلْتُ: أَ رَأَيْتَ قَوْلَكَ: «مَا أُبَالِي أَنْ تَفْعَلَ» فَإِنَّ ذلِكَ عَلى جِهَتَيْنِ تَقُولُ: لَسْتُ أُبَالِي أَنْ تَأْثَمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ، فَمَا تَأْمُرُنِي أَفْعَلُ ذلِكَ بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لِي: «قَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله تَزَوَّجَ، وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ امْرَأَةِ نُوحٍ وَ امْرَأَةِ لُوطٍ مَا قَدْ كَانَ، إِنَّهُمَا قَدْ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ».
فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لَيْسَ فِي ذلِكَ بِمَنْزِلَتِي، إِنَّمَا هِيَ تَحْتَ يَدِهِ، وَ هِيَ مُقِرَّةٌ بِحُكْمِهِ، مُقِرَّةٌ بِدِينِهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: «مَا تَرى مِنَ الْخِيَانَةِ فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «فَخانَتاهُما»۱؟ مَا يَعْنِي بِذلِكَ إِلاَّ الْفَاحِشَةَ۲، وَ قَدْ زَوَّجَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فُلاَناً».
قَالَ: قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللّهُ۳، مَا تَأْمُرُنِي أَنْطَلِقُ فَأَتَزَوَّجُ بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ لِي: «إِنْ كُنْتَ فَاعِلاً، فَعَلَيْكَ بِالْبَلْهَاءِ مِنَ النِّسَاءِ» قُلْتُ: وَ مَا الْبَلْهَاءُ؟ قَالَ: «ذَوَاتُ الْخُدُورِ، الْعَفَائِفُ»
فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ عَلى دِينِ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ؟ قَالَ: «لاَ» فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ عَلى دِينِ رَبِيعَةِ الرَّأْيِ؟ فَقَالَ: «لاَ، وَ لكِنَّ الْعَوَاتِقَ۴ اللَّوَاتِي لاَ يَنْصِبْنَ كُفْراً، وَ لاَ يَعْرِفْنَ مَا تَعْرِفُونَ».

1.. التحريم ۶۶ : ۱۰ .

2.. قوله عليه‏السلام : «ما يعني بذلك إلاّ الفاحشة » يحتمل الوجهين : الأوّل : أن يكون استفهاما إنكاريّا ؛ يعني أنّك زعمت أنّ المراد بالخيانة إنّما هو الزني ، ليس ذلك كذلك ، بل المراد به الخروج عن الدين وطاعة الرسول. ذكره الفيض . الثاني : أن يكون نفيا ، ويكون المراد بالفاحشة : الذنب العظيم ، وهو الشرك والكفر . احتمله أيضا المجلسي ، واستظهره . راجع : الوافي ، ج ۴ ، ص ۲۰۷ ؛ مرآة العقول ، ج ۱۱ ، ص ۱۹۴ .

3.. «أصلحك اللّه‏»: وفّقك لصلاح دينك، والعمل بفرائضه، وأداء حقوقه، مجمع البحرين، ج ۲، ص ۳۸۸ صلح.

4.. «العاتق » : الشابّة أوّل ما تُدرِك . وقيل : هي التي لم تَبِن من والديها ولم تزوَّج وقد أدركت و شبّت . وتجمع على : العُتَّق والعواتق . النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۷۸ عتق .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18598
صفحه از 803
پرینت  ارسال به