وَ الْحَفِيظَةُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى الْكِبْرِ، وَ الْفَخْرِ، وَ الْحَمِيَّةِ۱، وَ الْعَصَبِيَّةِ؛ فَمَنِ اسْتَكْبَرَ أَدْبَرَ عَنِ الْحَقِّ؛ وَ مَنْ فَخَرَ فَجَرَ؛ وَ مَنْ حَمِيَ أَصَرَّ عَلَى الذُّنُوبِ؛ وَ مَنْ أَخَذَتْهُ الْعَصَبِيَّةُ جَارَ، فَبِئْسَ الْأَمْرُ أَمْرٌ بَيْنَ إِدْبَارٍ وَ فُجُورٍ، وَ إِصْرَارٍ وَ جَوْرٍ عَلَى الصِّرَاطِ.
وَ الطَّمَعُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ: الْفَرَحِ، وَ الْمَرَحِ۲، وَ اللَّجَاجَةِ، وَ التَّكَاثُرِ؛ فَالْفَرَحُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللّهِ، وَ الْمَرَحُ خُيَلاَءُ، وَ اللَّجَاجَةُ بَلاَءٌ لِمَنِ اضْطَرَّتْهُ إِلى حَمْلِ الاْثَامِ، وَ التَّكَاثُرُ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ شُغُلٌ وَ اسْتِبْدَالُ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ.
فَذلِكَ النِّفَاقُ وَ دَعَائِمُهُ وَ شُعَبُهُ، وَ اللّهُ قَاهِرٌ فَوْقَ عِبَادِهِ، تَعَالى ذِكْرُهُ، وَ جَلَّ وَجْهُهُ، وَ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، وَ انْبَسَطَتْ يَدَاهُ، وَ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتُهُ، وَ ظَهَرَ أَمْرُهُ،
وَ أَشْرَقَ نُورُهُ، وَ فَاضَتْ بَرَكَتُهُ، وَ اسْتَضَاءَتْ حِكْمَتُهُ، وَ هَيْمَنَ كِتَابُهُ، وَ فَلَجَتْ۳ حُجَّتُهُ، وَ خَلَصَ دِينُهُ، وَ اسْتَظْهَرَ۴ سُلْطَانُهُ، وَ حَقَّتْ كَلِمَتُهُ، وَ أَقْسَطَتْ مَوَازِينُهُ، وَ بَلَّغَتْ رُسُلُهُ، فَجَعَلَ السَّيِّئَةَ ذَنْباً، وَ الذَّنْبَ فِتْنَةً، وَ الْفِتْنَةَ دَنَساً؛ وَ جَعَلَ الْحُسْنى عُتْبى۵، وَ الْعُتْبى تَوْبَةً، وَ التَّوْبَةَ طَهُوراً؛ فَمَنْ تَابَ اهْتَدى؛ وَ مَنِ افْتُتِنَ غَوى مَا لَمْ يَتُبْ إِلَى اللّهِ، وَ يَعْتَرِفْ بِذَنْبِهِ، وَ لاَ يَهْلِكُ عَلَى اللّهِ إِلاَّ هَالِكٌ.
اللّهَ اللّهَ؛ فَمَا أَوْسَعَ مَا لَدَيْهِ مِنَ التَّوْبَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْبُشْرى وَ الْحِلْمِ الْعَظِيمِ! وَ مَا أَنْكَلَ۶ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَنْكَالِ وَ الْجَحِيمِ وَ الْبَطْشِ۷ الشَّدِيدِ! فَمَنْ ظَفِرَ بِطَاعَتِهِ اجْتَلَبَ
1.. «الحميّة » : الأنَفَة والغَيْرَة . النهاية، ج ۱ ، ص ۴۴۷ حما. وفي مرآة العقول : «التعصّب : المحاماة والمدافعة ، وهي والحميّة من توابع الكبر ، وكان الفرق بينهما بأنّ الحميّة للنفس او الاهل والعصبيّة للأقارب» .
2.. «المَرَح» : شدّة الفَرَح والنشاط . والاسم : المِراح . الصحاح ، ج ۱ ، ص ۴۰۴ مرح .
3.. «الفُلْج » : الظَّفر بمن تخاصمه . ترتيب كتاب العين ، ج ۳ ، ص ۱۴۱۳ فلج .
4.. ظَهَرتُ على الرجل : غلبتُه . وظَهَرتُ البيتَ : علوتُه . ويستظهر بحجج اللّه على خلقه ، أي يطلب الغلبة عليهم بما عرّفه اللّه من الحجج . الصحاح ، ج ۲ ، ص ۷۳۲ ؛ مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۳۹۰ ظهر .
5.. «الحسنى»: الأعمال الحسنة، أو الكلمة الحسنى، وهي العقائد الحقّة. و«العتبى»: الرضا، أي سببا لرضا الخالق.
6.. «نكلتُه » : قيّدته . والنَّكل : قيد الدابّة وحديدة اللجام ؛ لكونهما مانِعَين . والجمع : الأنكال . ونكَّلتُ به : إذا فعلت به ما يُنكِّل به غيره . واسم ذلك الفعل : نكال . المفردات للراغب ، ص ۸۲۵ نكل .
7.. «البَطْش » : الأخذ بسُرعة ، والأخذ بعُنف وسَطْوة . مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۱۳۰ بطش .