285
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

تَرَاهُ بَعِيدا كَسَلُهُ، دَائِما نَشَاطُهُ، قَرِيبا أَمَلُهُ، قَلِيلاً زَلَلُهُ، مُتَوَقِّعا لِأَجَلِهِ، خَاشِعا قَلْبُهُ، ذَاكِرا رَبَّهُ، قَانِعَةً نَفْسُهُ، مَنْفِيّا جَهْلُهُ، سَهْلاً أَمْرُهُ، حَزِينا لِذَنْبِهِ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ، كَظُوما غَيْظَهُ، صَافِيا خُلُقُهُ، آمِنا مِنْهُ جَارُهُ، ضَعِيفا كِبْرُهُ، قَانِعا بِالَّذِي قُدِّرَ لَهُ، مَتِينا صَبْرُهُ، مُحْكَماً أَمْرُهُ، كَثِيراً ذِكْرُهُ، يُخَالِطُ النَّاسَ لِيَعْلَمَ، وَيَصْمُتُ لِيَسْلَمَ، وَيَسْأَلُ لِيَفْهَمَ، وَيَتَّجِرُ لِيَغْنَمَ، لاَ يُنْصِتُ لِلْخَبَرِ لِيَفْخَرَ بِهِ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ لِيَتَجَبَّرَ بِهِ عَلى مَنْ سِوَاهُ، نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ، أَتْعَبَ نَفْسَهُ لاِخِرَتِهِ، فَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ، إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتّى يَكُونَ اللّهُ الَّذِي يَنْتَصِرُ لَهُ، بُعْدُهُ مِمَّنْ تَبَاعَدَ مِنْهُ بُغْضٌ وَنَزَاهَةٌ، وَدُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَرَحْمَةٌ، لَيْسَ تَبَاعُدُهُ تَكَبُّراً وَلاَ عَظَمَةً، وَلاَ دُنُوُّهُ خَدِيعَةً وَلاَ خِلاَبَةً۱، بَلْ يَقْتَدِي بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، فَهُوَ إِمَامٌ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ».
قَالَ: «فَصَاحَ هَمَّامٌ صَيْحَةً، ثُمَّ وَقَعَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام: أَمَا وَاللّهِ، لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: هكَذَا تَصْنَعُ الْمَوْعِظَةُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: فَمَا بَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِكُلٍّ أَجَلاً لاَ يَعْدُوهُ، وَسَبَباً لاَ يُجَاوِزُهُ، فَمَهْلاً لاَ تُعِدْ، فَإِنَّمَا نَفَثَ۲ عَلى لِسَانِكَ شَيْطَانٌ».

۲۲۸۱.۲. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ غَالِبٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، قَالَ: «يَنْبَغِي لِلْمُؤمِنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَمَانُ خِصَالٍ: وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ، صَبُورٌ عِنْدَ الْبَلاَءِ، شَكُورٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ، قَانِعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللّهُ، لاَ يَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ، وَلاَ يَتَحَامَلُ لِلْأَصْدِقَاءِ، بَدَنُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ، إِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤمِنِ، وَالْحِلْمَ وَزِيرُهُ، وَالصَّبْرَ أَمِيرُ جُنُودِهِ، وَالرِّفْقَ أَخُوهُ، وَاللِّينَ وَالِدُهُ».

1.. «الخلابة» : المخادعة . ترتيب كتاب العين ، ج۱ ، ص۵۱۲ خلب .

2.. أي ألقى ؛ من النَّفْث بالفم ، وهو شبيه بالنفخ . النهاية ، ج۵ ، ص۸۸ نفث .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
284

نَفْسِهِ، عَالِمٌ بِعَيْبِهِ، شَاغِلٌ بِغَمِّهِ، لاَ يَثِقُ بِغَيْرِ رَبِّهِ، غَرِيبٌ، وَحِيدٌ، جَرِيدٌ، حَزِينٌ، يُحِبُّ فِي اللّهِ، وَيُجَاهِدُ فِي اللّهِ لِيَتَّبِعَ رِضَاهُ، وَلاَ يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، وَلاَ يُوَالِي فِي سَخَطِ رَبِّهِ، مُجَالِسٌ لِأَهْلِ الْفَقْرِ، مُصَادِقٌ لِأَهْلِ الصِّدْقِ، مُؤازِرٌ۱ لِأَهْلِ الْحَقِّ، عَوْنٌ لِلْغَرِيبِ، أَبٌ لِلْيَتِيمِ، بَعْلٌ لِلْأَرْمَلَةِ۲، حَفِيٌّ۳ بِأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ، مَرْجُوٌّ لِكُلِّ كَرِيهَةٍ۴، مَأْمُولٌ لِكُلِّ شِدَّةٍ، هَشَّاشٌ، بَشَّاشٌ۵، لاَ بِعَبَّاسٍ وَلاَ بِجَسَّاسٍ۶، صَلِيبٌ، كَظَّامٌ، بَسَّامٌ، دَقِيقُ النَّظَرِ، عَظِيمُ الْحَذَرِ.
لاَ يَجْهَلُ، وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِ۷ يَحْلُمُ، لاَ يَبْخَلُ، وَإِنْ بُخِلَ عَلَيْهِ صَبَرَ، عَقَلَ
فَاسْتَحْيَا، وَقَنِعَ فَاسْتَغْنى، حَيَاؤهُ يَعْلُو شَهْوَتَهُ، وَوُدُّهُ يَعْلُو حَسَدَهُ، وَعَفْوُهُ يَعْلُو حِقْدَهُ، لاَ يَنْطِقُ بِغَيْرِ صَوَابٍ، وَلاَ يَلْبَسُ إِلاَّ الاِقْتِصَادَ، مَشْيُهُ التَّوَاضُعُ، خَاضِعٌ لِرَبِّهِ بِطَاعَتِهِ، رَاضٍ عَنْهُ فِي كُلِّ حَالاَتِهِ، نِيَّتُهُ خَالِصَةٌ، أَعْمَالُهُ لَيْسَ فِيهَا غِشٌّ وَلاَ خَدِيعَةٌ، نَظَرُهُ عِبْرَةٌ، وسُكُوتُهُ فِكْرَةٌ، وَكَلاَمُهُ حِكْمَةٌ، مُنَاصِحا مُتَبَاذِلاً مُتَوَاخِيا، نَاصِحٌ فِي السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ، لاَ يَهْجُرُ أَخَاهُ وَلاَ يَغْتَابُهُ، وَلاَ يَمْكُرُ بِهِ، وَلاَ يَأْسَفُ عَلى مَا فَاتَهُ، وَلاَ يَحْزَنُ عَلى مَا أَصَابَهُ، وَلاَ يَرْجُو مَا لاَ يَجُوزُ لَهُ الرَّجَاءُ، وَلاَ يَفْشَلُ فِي الشِّدَّةِ، وَلاَ يَبْطَرُ۸ فِي الرَّخَاءِ، يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ، وَالْعَقْلَ بِالصَّبْرِ.

1.. «آزره» : ظاهره وعاونه على أمر . ترتيب كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۸۰ أزر .

2.. «الأرملة» : المرأة التي مات زوجها . راجع : النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۶۶ ؛ القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۳۳۲ رمل .

3.. «الحفيّ» : البَرُّ اللطيف . المفردات للراغب ، ص۲۴۶ حفي .

4.. «الكريهة» : الشدّة في الحرب . الصحاح ، ج۶ ، ص۲۲۴۷ كره .

5.. «البشّ» : اللطف في المسألة والإقبال على أخيك . والبشاشة : طلاقة الوجه . راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۱۶۵ بشّ .

6.. جسّ الأخبار وتجسّسها : تتبّعها . ومنه الجاسوس . المصباح المنير ، ص۱۰۱ جسس .

7.. هو يجهل على قومه : يُتسافَه عليهم . أساس البلاغة ، ص۶۷ جهل .

8.. «البَطَر» في معنىً : كالحيرة والدَّهش . يقال : لا يُبْطِرَنّ جهلُ فلان حلمك ، أي لا يُدهشك . وفي معنىً : كالأشِرو غَمْطِ النِّعمة . يقال : بطر فلان نعمة اللّه‏ ، أي كأنّه مَرِح حتّى جاوز الشُّكرَ فتركه وراءه . ترتيب كتاب العين ، ج ۱، ص ۱۷۰ بطر .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 22877
صفحه از 803
پرینت  ارسال به