تَرَاهُ بَعِيدا كَسَلُهُ، دَائِما نَشَاطُهُ، قَرِيبا أَمَلُهُ، قَلِيلاً زَلَلُهُ، مُتَوَقِّعا لِأَجَلِهِ، خَاشِعا قَلْبُهُ، ذَاكِرا رَبَّهُ، قَانِعَةً نَفْسُهُ، مَنْفِيّا جَهْلُهُ، سَهْلاً أَمْرُهُ، حَزِينا لِذَنْبِهِ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ، كَظُوما غَيْظَهُ، صَافِيا خُلُقُهُ، آمِنا مِنْهُ جَارُهُ، ضَعِيفا كِبْرُهُ، قَانِعا بِالَّذِي قُدِّرَ لَهُ، مَتِينا صَبْرُهُ، مُحْكَماً أَمْرُهُ، كَثِيراً ذِكْرُهُ، يُخَالِطُ النَّاسَ لِيَعْلَمَ، وَيَصْمُتُ لِيَسْلَمَ، وَيَسْأَلُ لِيَفْهَمَ، وَيَتَّجِرُ لِيَغْنَمَ، لاَ يُنْصِتُ لِلْخَبَرِ لِيَفْخَرَ بِهِ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ لِيَتَجَبَّرَ بِهِ عَلى مَنْ سِوَاهُ، نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ، أَتْعَبَ نَفْسَهُ لاِخِرَتِهِ، فَأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ، إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتّى يَكُونَ اللّهُ الَّذِي يَنْتَصِرُ لَهُ، بُعْدُهُ مِمَّنْ تَبَاعَدَ مِنْهُ بُغْضٌ وَنَزَاهَةٌ، وَدُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَرَحْمَةٌ، لَيْسَ تَبَاعُدُهُ تَكَبُّراً وَلاَ عَظَمَةً، وَلاَ دُنُوُّهُ خَدِيعَةً وَلاَ خِلاَبَةً۱، بَلْ يَقْتَدِي بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، فَهُوَ إِمَامٌ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ».
قَالَ: «فَصَاحَ هَمَّامٌ صَيْحَةً، ثُمَّ وَقَعَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام: أَمَا وَاللّهِ، لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: هكَذَا تَصْنَعُ الْمَوْعِظَةُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: فَمَا بَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِكُلٍّ أَجَلاً لاَ يَعْدُوهُ، وَسَبَباً لاَ يُجَاوِزُهُ، فَمَهْلاً لاَ تُعِدْ، فَإِنَّمَا نَفَثَ۲ عَلى لِسَانِكَ شَيْطَانٌ».
۲۲۸۱.۲. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ غَالِبٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، قَالَ: «يَنْبَغِي لِلْمُؤمِنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَمَانُ خِصَالٍ: وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ، صَبُورٌ عِنْدَ الْبَلاَءِ، شَكُورٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ، قَانِعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللّهُ، لاَ يَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ، وَلاَ يَتَحَامَلُ لِلْأَصْدِقَاءِ، بَدَنُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ، إِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤمِنِ، وَالْحِلْمَ وَزِيرُهُ، وَالصَّبْرَ أَمِيرُ جُنُودِهِ، وَالرِّفْقَ أَخُوهُ، وَاللِّينَ وَالِدُهُ».