175
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

الدُّنْيَا مَا بِكَ الْغِنى عَنْهُ، وَلاَ تَنْظُرْ عَيْنُكَ إِلى كُلِّ مَفْتُونٍ بِهَا وَ مُوكَلٍ إِلى نَفْسِهِ.
وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِتْنَةٍ بَدْؤهَا حُبُّ الدُّنْيَا، وَلاَ تَغْبِطْ أَحَداً بِكَثْرَةِ الْمَالِ ؛ فَإِنَّ مَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ تَكْثُرُ الذُّنُوبُ لِوَاجِبِ الْحُقُوقِ، وَلاَ تَغْبِطَنَّ أَحَداً بِرِضَى النَّاسِ عَنْهُ حَتّى تَعْلَمَ أَنَّ اللّهَ رَاضٍ عَنْهُ، وَلاَ تَغْبِطَنَّ مَخْلُوقاً بِطَاعَةِ النَّاسِ لَهُ ؛ فَإِنَّ طَاعَةَ النَّاسِ لَهُ
وَاتِّبَاعَهُمْ إِيَّاهُ عَلى غَيْرِ الْحَقِّ هَلاَكٌ لَهُ وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ».

۱۹۱۴.۲۲. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، قَالَ: «إِنَّ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ: إِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ، مَا أَلْيَنَ مَسَّهَا وَفِي جَوْفِهَا السَّمُّ النَّاقِعُ۱، يَحْذَرُهَا الرَّجُلُ الْعَاقِلُ، وَيَهْوِي إِلَيْهَا الصَّبِيُّ الْجَاهِلُ».

۱۹۱۵.۲۳. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: «كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام إِلى بَعْضِ أَصْحَابِهِ يَعِظُهُ: أُوصِيكَ وَنَفْسِي بِتَقْوى مَنْ لاَ تَحِلُّ مَعْصِيَتُهُ، وَلاَ يُرْجى غَيْرُهُ، وَلاَ الْغِنى إِلاَّ بِهِ ؛ فَإِنَّ مَنِ اتَّقَى اللّهَ، جَلَّ وَعَزَّ وَقَوِيَ وَشَبِعَ وَرَوِيَ وَرُفِعَ عَقْلُهُ عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، فَبَدَنُهُ مَعَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَقَلْبُهُ وَعَقْلُهُ مُعَايِنُ الاْخِرَةِ، فَأَطْفَأَ بِضَوْءِ قَلْبِهِ مَا أَبْصَرَتْ عَيْنَاهُ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا، فَقَذَّرَ حَرَامَهَا، وَجَانَبَ شُبُهَاتِهَا، وَأَضَرَّ ـ وَ اللّهِ ـ بِالْحَلاَلِ الصَّافِي إِلاَّ مَا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ كِسْرَةٍ مِنْهُ يَشُدُّ بِهَا صُلْبَهُ، وَثَوْبٍ يُوَارِي بِهِ عَوْرَتَهُ مِنْ أَغْلَظِ مَا يَجِدُ وَأَخْشَنِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ ثِقَةٌ وَلاَ رَجَاءٌ، فَوَقَعَتْ ثِقَتُهُ وَرَجَاؤهُ عَلى خَالِقِ الْأَشْيَاءِ، فَجَدَّ وَاجْتَهَدَ وَأَتْعَبَ بَدَنَهُ حَتّى بَدَتِ الْأَضْلاَعُ، وَغَارَتِ الْعَيْنَانِ، فَأَبْدَلَ اللّهُ لَهُ مِنْ ذلِكَ قُوَّةً فِي بَدَنِهِ وَشِدَّةً

1.. «سمّ ناقع» ، أي بالغ . وقيل : قاتِل . الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۹۲ ؛ مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۳۹۸ نقع .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
174

مُسْتَأْجَرٌ قَدْ أُمِرْتَ بِعَمَلٍ، وَوُعِدْتَ عَلَيْهِ أَجْراً، فَأَوْفِ عَمَلَكَ، وَاسْتَوْفِ أَجْرَكَ، وَلاَ تَكُنْ فِي هذِهِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ شَاةٍ وَقَعَتْ فِي زَرْعٍ أَخْضَرَ، فَأَكَلَتْ حَتّى سَمِنَتْ، فَكَانَ حَتْفُهَا عِنْدَ سِمَنِهَا، وَلكِنِ اجْعَلِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ قَنْطَرَةٍ۱ عَلى نَهَرٍ جُزْتَ عَلَيْهَا وَتَرَكْتَهَا، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهَا آخِرَ الدَّهْرِ، أَخْرِبْهَا وَلاَ تَعْمُرْهَا ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُؤمَرْ بِعِمَارَتِهَا.
وَ اعْلَمْ أَنَّكَ سَتُسْأَلُ غَداً إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَنْ أَرْبَعٍ: شَبَابِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ؟ وَعُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ؟ وَمَالِكَ مِمَّا اكْتَسَبْتَهُ وَفِيمَا أَنْفَقْتَهُ؟ فَتَأَهَّبْ لِذلِكَ، وَأَعِدَّ لَهُ جَوَاباً، وَلاَ تَأْسَ۲ عَلى مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّ قَلِيلَ الدُّنْيَا لاَ يَدُومُ بَقَاؤهُ، وَكَثِيرَهَا لاَ يُؤمَنُ بَلاَؤهُ، فَخُذْ حِذْرَكَ، وَجِدَّ فِي أَمْرِكَ، وَاكْشِفِ الْغِطَاءَ عَنْ وَجْهِكَ، وَتَعَرَّضْ لِمَعْرُوفِ رَبِّكَ، وَجَدِّدِ التَّوْبَةَ فِي قَلْبِكَ، وَاكْمُشْ۳ فِي فَرَاغِكَ، قَبْلَ أَنْ يُقْصَدَ قَصْدُكَ۴، وَيُقْضى قَضَاؤكَ، وَيُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا تُرِيدُ».

۱۹۱۳.۲۱. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام يَقُولُ: «فِيمَا نَاجَى اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ مُوسى عليه‏السلام: يَا مُوسى، لاَ تَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا رُكُونَ الظَّالِمِينَ، وَرُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا أَباً وَأُمّاً.
يَا مُوسى، لَوْ وَكَلْتُكَ إِلى نَفْسِكَ لِتَنْظُرَ لَهَا، إِذاً لَغَلَبَ عَلَيْكَ حُبُّ الدُّنْيَا وَزَهْرَتُهَا.
يَا مُوسى، نَافِسْ۵ فِي الْخَيْرِ أَهْلَهُ، وَاسْتَبِقْهُمْ إِلَيْهِ ؛ فَإِنَّ الْخَيْرَ كَاسْمِهِ۶، وَاتْرُكْ مِنَ

1.. «القَنْطرة» : الجِسْر . القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۶۴۹ قنطر .

2.. «الأسى» : الحزن . المفردات للراغب ، ص ۷۷ أسا .

3.. «اكمش» أي اسرع وعجّل . راجع : لسان العرب ، ج ۶ ، ص ۳۴۳ كمش .

4.. في المرآة : «قصدك ، أي نحوك ، كناية عن توجّه ملك الموت إليه لقبض روحه ، أو توجّه الأمراض والبلايا من اللّه‏ إليه» .

5.. «نافس في الخير أهله» ، أي سابقهم فيه ، راجع : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۹۸۵ .

6.. في الوافي : «كاسمه ؛ يعني أنّ الخير خير كلّه كما أنّ اسمه خير» .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18556
صفحه از 803
پرینت  ارسال به