17
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

وَيَسْأَلُنِي أَنْ أُعَافِيَهُ، وَيَصْبِرُ عَلى بَلاَئِي، فَأُثِيبُهُ جَزِيلَ عَطَائِي، وَيَنْظُرُ الْغَنِيُّ إِلَى الْفَقِيرِ، فَيَحْمَدُنِي وَيَشْكُرُنِي، وَيَنْظُرُ الْفَقِيرُ إِلَى الْغَنِيِّ، فَيَدْعُونِي وَيَسْأَلُنِي، وَيَنْظُرُ الْمُؤمِنُ إِلَى الْكَافِرِ، فَيَحْمَدُنِي عَلى مَا هَدَيْتُهُ، فَلِذلِكَ خَلَقْتُهُمْ لِأَبْلُوَهُمْ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَفِيمَا أُعَافِيهِمْ وَفِيمَا أَبْتَلِيهِمْ وَفِيمَا أُعْطِيهِمْ وَفِيمَا أَمْنَعُهُمْ.
وَأَنَا اللّهُ الْمَلِكُ الْقَادِرُ، وَلِي أَنْ أَمْضِيَ جَمِيعَ مَا قَدَّرْتُ عَلى مَا دَبَّرْتُ، وَلِي أَنْ أُغَيِّرَ مِنْ ذلِكَ مَا شِئْتُ إِلى مَا شِئْتُ، وَأُقَدِّمَ مِنْ ذلِكَ مَا أَخَّرْتُ، وَأُؤخِّرَ مِنْ ذلِكَ مَا قَدَّمْتُ، وَأَنَا اللّهُ الْفَعَّالُ لِمَا أُرِيدُ، لاَ أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ، وَأَنَا أَسْأَلُ خَلْقِي عَمَّا هُمْ فَاعِلُونَ».

۱۴۶۱.۳. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيِّ وَعُقْبَةَ جَمِيعاً:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‏السلام، قَالَ: «إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَخَلَقَ مَنْ أَحَبَّ مِمَّا أَحَبَّ، وَكَانَ مَا أَحَبَّ أَنْ خَلَقَهُ مِنْ طِينَةِ الْجَنَّةِ، وَخَلَقَ مَنْ أَبْغَضَ مِمَّا أَبْغَضَ، وَكَانَ مَا أَبْغَضَ أَنْ خَلَقَهُ مِنْ طِينَةِ النَّارِ، ثُمَّ بَعَثَهُمْ فِي الظِّلاَلِ».
فَقُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ الظِّلاَلُ؟
فَقَالَ: «أَ لَمْ تَرَ إِلى ظِلِّكَ فِي الشَّمْسِ شَيْئاً وَلَيْسَ بِشَيْءٍ».
«ثُمَّ بَعَثَ مِنْهُمُ النَّبِيِّينَ، فَدَعَوْهُمْ إِلَى الاْءِقْرَارِ بِاللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّهُ»۱ ثُمَّ دَعَوْهُمْ إِلَى الاْءِقْرَارِ بِالنَّبِيِّينَ فَأَقَرَّ بَعْضُهُمْ، وَأَنْكَرَ بَعْضٌ، ثُمَّ دَعَوْهُمْ إِلى وَلاَيَتِنَا، فَأَقَرَّ بِهَا وَاللّهِ مَنْ أَحَبَّ، وَأَنْكَرَهَا مَنْ أَبْغَضَ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «فَما كانُوا لِيُؤمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ»۲».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه‏السلام: «كَانَ التَّكْذِيبُ ثَمَّ».

1.. الزخرف ۴۳ : ۸۷ .

2.. يونس ۱۰ : ۷۴ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
16

فَقَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كَذلِكَ خَلَقْتُهُمْ لِأَبْلُوَهُمْ فِي كُلِّ حَالاَتِهِمْ.
قَالَ آدَمُ عليه‏السلام: يَا رَبِّ، فَتَأْذَنُ لِي فِي الْكَلاَمِ؛ فَأَتَكَلَّمَ؟
قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَكَلَّمْ؛ فَإِنَّ رُوحَكَ مِنْ رُوحِي، وَطَبِيعَتَكَ۱ خِلاَفُ كَيْنُونَتِي.
قَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، فَلَوْ كُنْتَ خَلَقْتَهُمْ عَلى مِثَالٍ وَاحِدٍ، وَقَدْرٍ وَاحِدٍ، وَطَبِيعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَجِبِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَلْوَانٍ وَاحِدَةٍ، وَأَعْمَارٍ وَاحِدَةٍ، وَأَرْزَاقٍ سَوَاءٍ، لَمْ يَبْغِ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ تَحَاسُدٌ وَلاَ تَبَاغُضٌ، وَلاَ اخْتِلاَفٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ.
قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا آدَمُ، بِرُوحِي نَطَقْتَ، وَبِضَعْفِ طَبِيعَتِكَ تَكَلَّفْتَ مَا لاَ عِلْمَ لَكَ بِهِ، وَأَنَا الْخَالِقُ الْعَالِمُ، بِعِلْمِي خَالَفْتُ بَيْنَ خَلْقِهِمْ، وَبِمَشِيئَتِي يَمْضِي فِيهِمْ أَمْرِي، وَإِلى تَدْبِيرِي وَتَقْدِيرِي صَائِرُونَ، لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِي، إِنَّمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ والاْءِنْسَ لِيَعْبُدُونِ، وَخَلَقْتُ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَنِي وَعَبَدَنِي مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ رُسُلِي وَلاَ أُبَالِي، وَخَلَقْتُ النَّارَ لِمَنْ كَفَرَ بِي وَعَصَانِي وَلَمْ يَتَّبِعْ رُسُلِي وَلاَ أُبَالِي، وَخَلَقْتُكَ وَخَلَقْتُ ذُرِّيَّتَكَ مِنْ غَيْرِ فَاقَةٍ بِي إِلَيْكَ وَإِلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا خَلَقْتُكَ وَخَلَقْتُهُمْ لِأَبْلُوَكَ وَأَبْلُوَهُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً فِي دَارِ الدُّنْيَا فِي حَيَاتِكُمْ وَقَبْلَ مَمَاتِكُمْ، فَلِذلِكَ خَلَقْتُ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةَ، وَالْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ، وَالطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَكَذلِكَ أَرَدْتُ فِي تَقْدِيرِي وَتَدْبِيرِي.
وَ بِعِلْمِيَ النَّافِذِ فِيهِمْ خَالَفْتُ بَيْنَ صُوَرِهِمْ وَأَجْسَامِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ وَأَعْمَارِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَمَعْصِيَتِهِمْ، فَجَعَلْتُ مِنْهُمُ الشَّقِيَّ وَالسَّعِيدَ، وَالْبَصِيرَ وَالْأَعْمى، وَالْقَصِيرَ وَالطَّوِيلَ، وَالْجَمِيلَ وَالدَّمِيمَ۲، وَالْعَالِمَ وَالْجَاهِلَ، وَالْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ، وَالْمُطِيعَ وَالْعَاصِيَ، وَالصَّحِيحَ وَالسَّقِيمَ، وَمَنْ بِهِ الزَّمَانَةُ۳ وَمَنْ لاَ عَاهَةَ بِهِ، فَيَنْظُرُ الصَّحِيحُ إِلَى
الَّذِي بِهِ الْعَاهَةُ، فَيَحْمَدُنِي عَلى عَافِيَتِهِ، وَيَنْظُرُ الَّذِي بِهِ الْعَاهَةُ إِلَى الصَّحِيحِ، فَيَدْعُونِي

1.. «الطبع» : الجبلّة التي خلق الإنسان عليها. و«الطبيعة» : مزاج الإنسان المركّب من الأخلاط . المصباح المنير ، ص ۳۶۹ طبع .

2.. «الدمامة» : القِصَر والقبح ، ورجل دميم . النهاية ، ج ۲ ، ص ۱۳۴ دمم .

3.. «الزمانة» : العاهة . زَمِن زَمَنا وزُمَنةً وزَمانةً فهو زَمِن وزَمينٌ . القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۵۸۲ زمن.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18088
صفحه از 803
پرینت  ارسال به