169
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام يَقُولُ: «إِذَا تَخَلَّى الْمُؤمِنُ مِنَ الدُّنْيَا سَمَا۱، وَوَجَدَ حَلاَوَةَ حُبِّ اللّهِ، وَكَانَ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا كَأَنَّهُ قَدْ خُولِطَ۲، وَإِنَّمَا خَالَطَ الْقَوْمَ حَلاَوَةُ حُبِّ اللّهِ، فَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِغَيْرِهِ».
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ الْقَلْبَ إِذَا صَفَا ضَاقَتْ بِهِ الْأَرْضُ حَتّى يَسْمُوَ».

۱۹۰۳.۱۱. عَلِيٌّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ:
سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟
فَقَالَ: «مَا مِنْ عَمَلٍ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللّهِ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ وَ مَعْرِفَةِ رَسُولِهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أَفْضَلَ مِنْ بُغْضِ الدُّنْيَا، وَإِنَّ لِذلِكَ لَشُعَباً كَثِيرَةً، وَلِلْمَعَاصِي شُعَباً، فَأَوَّلُ مَا عُصِيَ اللّهُ بِهِ الْكِبْرُ، وَهِيَ مَعْصِيَةُ إِبْلِيسَ حِينَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ.
وَالْحِرْصُ، وَهِيَ مَعْصِيَةُ آدَمَ وَحَوَّاءَ حِينَ قَالَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَهُمَا: «فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ»۳ فَأَخَذَا مَا لاَ حَاجَةَ بِهِمَا إِلَيْهِ، فَدَخَلَ ذلِكَ عَلى ذُرِّيَّتِهِمَا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَطْلُبُ ابْنُ آدَمَ مَا لاَ حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ.
ثُمَّ الْحَسَدُ، وَهِيَ مَعْصِيَةُ ابْنِ آدَمَ حَيْثُ حَسَدَ أَخَاهُ، فَقَتَلَهُ، فَتَشَعَّبَ مِنْ ذلِكَ حُبُّ النِّسَاءِ، وَحُبُّ الدُّنْيَا، وَحُبُّ الرِّئَاسَةِ، وَحُبُّ الرَّاحَةِ، وَحُبُّ الْكَلاَمِ، وَحُبُّ الْعُلُوِّ وَ الثَّرْوَةِ، فَصِرْنَ سَبْعَ خِصَالٍ، فَاجْتَمَعْنَ كُلُّهُنَّ فِي حُبِّ الدُّنْيَا، فَقَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْعُلَمَاءُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ ذلِكَ: حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ ؛ وَالدُّنْيَا دُنْيَاءَانِ: دُنْيَا بَلاَغٍ۴، وَدُنْيَا مَلْعُونَةٍ».

1.. «سما» : علا وارتفع ، من السموّ بمعنى العلوّ والارتفاع . راجع : الصحاح ، ج ۶ .

2.. خولط فلان في عقله مخالطة : إذا اختلّ عقلُه . النهاية ، ج ۲ ، ص ۶۴ خلط .

3.. الأعراف ۷ : ۱۹ .

4.. في المرآة : «دنيا بلاغ ، أي تبلغ به إلى الآخرة ويحصل بها مرضاة الربّ تعالى ، أو تكون بقدر الضرورة والكفاف ؛ فالزائد عليها ملعونة ، أي ملعون صاحبها ، فالإسناد على المجاز ؛ أو هي ملعونة ، أي بعيدة من اللّه‏ ومن الخير والسعادة» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
168

مِنْهَا مَا شِئْتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُنْقَصَ شَيْئاً عِنْدِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لاَ دَارَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ.
فَقَالَ الْمَلَكُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً، لَقَدْ سَمِعْتُ هذَا الْكَلاَمَ مِنْ مَلَكٍ يَقُولُهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ حِينَ أُعْطِيتُ الْمَفَاتِيحَ».

۱۹۰۱.۹. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بِجَدْيٍ۱ أَسَكَّ۲، مُلْقًى عَلى مَزْبَلَةٍ مَيْتاً، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: كَمْ يُسَاوِي هذَا؟ فَقَالُوا: لَعَلَّهُ لَوْ كَانَ حَيّاً لَمْ يُسَاوِ دِرْهَماً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللّهِ مِنْ هذَا الْجَدْيِ عَلى أَهْلِهِ».

۱۹۰۲.۱۰. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْقَاسِمِ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، قَالَ: «إِذَا أَرَادَ اللّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً زَهَّدَهُ فِي الدُّنْيَا، وَفَقَّهَهُ فِي الدِّينِ، وَبَصَّرَهُ عُيُوبَهَا ؛ وَمَنْ أُوتِيَهُنَّ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ». وَقَالَ: «لَمْ يَطْلُبْ أَحَدٌ الْحَقَّ بِبَابٍ أَفْضَلَ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ ضِدٌّ لِمَا طَلَبَ أَعْدَاءُ الْحَقِّ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مِمَّا ذَا؟
قَالَ: «مِنَ الرَّغْبَةِ فِيهَا» وَقَالَ: «أَ لاَ۳ مِنْ صَبَّارٍ كَرِيمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ قَلاَئِلُ، أَلاَ إِنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تَجِدُوا طَعْمَ الاْءِيمَانِ حَتّى تَزْهَدُوا فِي الدُّنْيَا».

1.. «الجَدْي» : هو الذَّكر من أولاد المعز ، والاُنثى عَناق . المصباح المنير ، ص ۹۳ جدى .

2.. «أسكّ» : مصطلَم الاُذنين مقطوعهما . النهاية ، ج ۲ ، ص ۳۸۴ سكك .

3.. الهمزة في «ألا» للاستفهام ، و «لا» للنفي ، و «من» زائدة لعموم النفي . والمعنى : ألا يوجد صبّار كريم النفس يصبر عن الدنيا ويزهد فيها . أو هي «إلاّ» بالتشديد ، استثناء من الرغبة فيها ، أي إلاّ من صبّار كريم فإنّها لا تضرّه ؛ لأنّه يطلبها من طرق الحلال ويصبر عن الحرام ، أو لأنّه يزوي نفسه عنها ويزويها عن نفسه . الأوّل هو الأظهر عند المجلسي ، والثاني هو مختار المازندراني والفيض ، إلاّ أنّ الفيض احتمل الأوّل أيضا . راجع : شرح المازندراني ، ج ۸ ، ص ۳۶۰ ؛ الوافي ، ج ۴ ، ص ۳۹۲ ؛ مرآة العقول ، ج ۸ ، ص ۲۷۶ .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18647
صفحه از 803
پرینت  ارسال به