11
الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني

الْأَرْضِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ الْقُصْوى، فَأَمَرَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ كَلِمَتَهُ، فَأَمْسَكَ الْقَبْضَةَ الْأُولى بِيَمِينِهِ، وَالْقَبْضَةَ الْأُخْرى بِشِمَالِهِ، فَفَلَقَ۱ الطِّينَ فِلْقَتَيْنِ، فَذَرَا مِنَ الْأَرْضِ ذَرْواً، وَمِنَ السَّمَاوَاتِ ذَرْواً، فَقَالَ لِلَّذِي بِيَمِينِهِ: مِنْكَ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْصِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ وَالْمُؤمِنُونَ وَالسُّعَدَاءُ وَمَنْ أُرِيدُ كَرَامَتَهُ، فَوَجَبَ لَهُمْ مَا قَالَ كَمَا قَالَ، وَقَالَ لِلَّذِي بِشِمَالِهِ: مِنْكَ الْجَبَّارُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْكَافِرُونَ وَالطَّوَاغِيتُ وَمَنْ أُرِيدُ هَوَانَهُ وَشِقْوَتَهُ، فَوَجَبَ لَهُمْ مَا قَالَ كَمَا قَالَ.
ثُمَّ إِنَّ الطِّينَتَيْنِ خُلِطَتَا جَمِيعاً، وَذلِكَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «إِنَّ اللّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى»۲، فَالْحَبُّ طِينَةُ الْمُؤمِنِينَ الَّتِي أَلْقَى اللّهُ عَلَيْهَا مَحَبَّتَهُ، وَالنَّوى طِينَةُ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ نَأَوْا عَنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّوى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ نَأى عَنْ كُلِّ خَيْرٍ وَتَبَاعَدَ عَنْهُ.
وَ قَالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ»۳ فَالْحَيُّ: الْمُؤمِنُ الَّذِي تَخْرُجُ طِينَتُهُ مِنْ طِينَةِ الْكَافِرِ، وَالْمَيِّتُ ـ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْحَيِّ ـ هُوَ الْكَافِرُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ طِينَةِ الْمُؤمِنِ، فَالْحَيُّ: الْمُؤمِنُ، وَالْمَيِّتُ: الْكَافِرُ.
وَ ذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «أَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ»۴ فَكَانَ مَوْتُهُ اخْتِلاَطَ طِينَتِهِ مَعَ طِينَةِ الْكَافِرِ، وَكَانَ حَيَاتُهُ حِينَ فَرَّقَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بَيْنَهُمَا بِكَلِمَتِهِ۵؛ كَذلِكَ يُخْرِجُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْمُؤمِنَ فِي الْمِيلاَدِ مِنَ الظُّلْمَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا إِلَى النُّورِ، وَيُخْرِجُ الْكَافِرَ
مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلْمَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ إِلَى النُّورِ، وَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ»۶».

1.. «الفَلْق»: شقّ الشيء وإبانة بعضه عن بعض. راجع: المفردات للراغب، ص ۶۴۵؛ المصباح المنير، ص ۴۸۱ فلق.

2.. الأنعام ۶ : ۹۵ .

3.. الأنعام ۶ : ۱۲۲ .

4.. «بكلمته» ، أي بأمره . وفي الوافي : «والمراد بالكلمة جبرئيل ؛ إذ هو القابض للقبضتين» .

5.. يس ۳۶ : ۷۰ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الثّاني
10

قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنِّي وُلِدْتُ بِالْجَبَلِ، وَنَشَأْتُ فِي أَرْضِ فَارِسَ، وَإِنَّنِي أُخَالِطُ النَّاسَ فِي التِّجَارَاتِ وَغَيْرِ ذلِكَ، فَأُخَالِطُ الرَّجُلَ، فَأَرى لَهُ حُسْنَ السَّمْتِ۱ وَحُسْنَ الْخُلُقِ وَكَثْرَةَ أَمَانَةٍ، ثُمَّ أُفَتِّشُهُ، فَأَتَبَيَّنُهُ عَنْ عَدَاوَتِكُمْ؛ وَأُخَالِطُ الرَّجُلَ، فَأَرى مِنْهُ سُوءَ الْخُلُقِ وَقِلَّةَ أَمَانَةٍ وَزَعَارَّةً۲، ثُمَّ أُفَتِّشُهُ، فَأَتَبَيَّنُهُ عَنْ وَلاَيَتِكُمْ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذلِكَ؟
قَالَ: فَقَالَ لِي: «أَمَا عَلِمْتَ يَا ابْنَ كَيْسَانَ، أَنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَخَذَ طِينَةً مِنَ الْجَنَّةِ وَطِينَةً مِنَ النَّارِ، فَخَلَطَهُمَا جَمِيعاً، ثُمَّ نَزَعَ هذِهِ مِنْ هذِهِ، وَهذِهِ مِنْ هذِهِ۳، فَمَا رَأَيْتَ مِنْ أُولئِكَ مِنَ الْأَمَانَةِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَحُسْنِ السَّمْتِ، فَمِمَّا مَسَّتْهُمْ مِنْ طِينَةِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ يَعُودُونَ إِلى مَا خُلِقُوا مِنْهُ، وَمَا رَأَيْتَ مِنْ هؤلاَءِ مِنْ قِلَّةِ
الْأَمَانَةِ وَسُوءِ الْخُلُقِ وَالزَّعَارَّةِ، فَمِمَّا مَسَّتْهُمْ مِنْ طِينَةِ النَّارِ، وَهُمْ يَعُودُونَ إِلى مَا خُلِقُوا مِنْهُ».

۱۴۵۴.۶. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام: الْمُؤمِنُونَ مِنْ طِينَةِ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ: «نَعَمْ».

۱۴۵۵.۷. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، قَالَ: «إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عليه‏السلام بَعَثَ جَبْرَئِيلَ عليه‏السلام فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقَبَضَ بِيَمِينِهِ قَبْضَةً بَلَغَتْ قَبْضَتُهُ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ تُرْبَةً، وَقَبَضَ قَبْضَةً أُخْرى مِنَ

1.. «السَّمت» : هيئة أهل الخير . راجع : مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۲۰۶ سمت.

2.. يجوز فيه التخفيف. ومعناه: شراسَة الخُلُق. الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۷۰ زعر .

3.. قال في الوافي : «معناه أنّه نزع طينة الجنّة من طينة النار ، وطينة النار من طينة الجنّة بعد ما مسّت إحداهما الاُخرى ، ثمّ خلق أهل الجنّة من طينة الجنّة ، وخلق أهل النار من طينة النار» .

تعداد بازدید : 19387
صفحه از 803
پرینت  ارسال به