أَشْهُرٍ ^۱ فَإِنْ فاؤُ ^۲ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» أَيْ رَجَعُوا ، ثُمَّ قَالَ : «وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ^۳ وَقَالَ : «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِى تَبْغِى حَتّى تَفِى ءَ ^۴ إِلى أَمْرِ اللّهِ» أَيْ تَرْجِعَ «فَإِنْ فاءَتْ» أَيْ رَجَعَتْ «فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» ^۵ يَعْنِي بِقَوْلِهِ : «تَفِى ءَ» تَرْجِعَ .
فَذلِكَ ^۶ الدَّلِيلُ عَلى أَنَّ الْفَيْءَ كُلُّ رَاجِعٍ إِلى مَكَانٍ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ ، وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا زَالَتْ : قَدْ فَاءَتِ الشَّمْسُ حِينَ ^۷ يَفِيءُ ^۸ الْفَيْءُ ^۹ عِنْدَ رُجُوعِ الشَّمْسِ إِلى زَوَالِهَا ، وَكَذلِكَ مَا أَفَاءَ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكُفَّارِ ، فَإِنَّمَا هِيَ حُقُوقُ الْمُؤْمِنِينَ رَجَعَتْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ ظُلْمِ الْكُفَّارِ إِيَّاهُمْ ، فَذلِكَ قَوْلُهُ : «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» ^۱۰ مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ ، وَإِنَّمَا أُذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَامُوا بِشَرَائِطِ الْاءِيمَانِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا ، وَذلِكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَأْذُوناً لَهُ فِي الْقِتَالِ حَتّى يَكُونَ ^۱۱ مَظْلُوماً ، وَلَا يَكُونُ مَظْلُوماً حَتّى يَكُونَ مُؤْمِناً ، وَلَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتّى يَكُونَ قَائِماً بِشَرَائِطِ الْاءِيمَانِ الَّتِي اشْتَرَطَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ ، فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ شَرَائِطُ اللّهِ

الْمُنْكَرِ» وَالْمُنْتَهُونَ عَنْهُ ، قَالَ : فَبَشِّرْ مَنْ قُتِلَ وَهُوَ قَائِمٌ بِهذِهِ الشُّرُوطِ بِالشَّهَادَةِ وَالْجَنَّةِ .
ثُمَّ أَخْبَرَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالْقِتَالِ إِلَا أَصْحَابَ هذِهِ الشُّرُوطِ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّهُ» ^۱ .
^۲ وَ ذلِكَ أَنَّ جَمِيعَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لِلّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَتْبَاعِهِمْ ^۳ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ هذِهِ الصِّفَةِ ، فَمَا كَانَ مِنَ الدُّنْيَا فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارِ وَالظَّلَمَةِ وَالْفُجَّارِ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَالْمُوَلِّي ^۴ عَنْ طَاعَتِهِمَا مِمَّا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ ظَلَمُوا فِيهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ هذِهِ الصِّفَاتِ وَغَلَبُوهُمْ عَلَيْهِ مِمَّا ^۵ أَفَاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ ، فَهُوَ حَقُّهُمْ أَفَاءَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ، وَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ ^۶ .
وَإِنَّمَا ^۷ مَعْنَى الْفَيْءِ كُلُّ مَا صَارَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ رَجَعَ مِمَّا كَانَ قَدْ ^۸ غُلِبَ ^۹ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ ، فَمَا رَجَعَ إِلى مَكَانِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، فَقَدْ فَاءَ ؛ مِثْلُ قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ ^۱۰ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ ^۱۱ أَرْبَعَةِ