وَالْقُرْآنِ» ثُمَّ ذَكَرَ وَفَاءَهُمْ لَهُ بِعَهْدِهِ وَمُبَايَعَتِهِ ، فَقَالَ : «وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» ^۱ .
فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الْايَةُ : «إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ» قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللّهِ ، أَ رَأَيْتَكَ ^۲ : الرَّجُلُ يَأْخُذُ سَيْفَهُ ^۳ ، فَيُقَاتِلُ حَتّى يُقْتَلَ إِلَا أَنَّهُ يَقْتَرِفُ مِنْ هذِهِ الْمَحَارِمِ ، أَ شَهِيدٌ هُوَ ؟
فَأَنْزَلَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلى رَسُولِهِ ^۴ : «التّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السّائِحُونَ الرّاكِعُونَ السّاجِدُونَ الْامِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» ^۵ فَفَسَّرَ ^۶ النَّبِيُّ ^۷ صلى الله عليه و آله الْمُجَاهِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هذِهِ صِفَتُهُمْ وَحِلْيَتُهُمْ بِالشَّهَادَةِ وَالْجَنَّةِ ، وَقَالَ ^۸ : «التَّائِبُونَ» مِنَ الذُّنُوبِ «الْعَابِدُونَ» : الَّذِينَ لَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللّهَ ، وَلَا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئاً «الْحَامِدُونَ» : الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللّهَ عَلى كُلِّ حَالٍ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ «السَّائِحُونَ» وَهُمُ الصَّائِمُونَ ^۹ «الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ» : الَّذِينَ يُوَاظِبُونَ عَلَى الصَّلَوَاتِ ^۱۰ الْخَمْسِ ، وَالْحَافِظُونَ ^۱۱ لَهَا وَالْمُحَافِظُونَ عَلَيْهَا بِرُكُوعِهَا ^۱۲ وَسُجُودِهَا ، وَفِي الْخُشُوعِ فِيهَا وَفِي أَوْقَاتِهَا «الْامِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ» بَعْدَ ذلِكَ ، وَالْعَامِلُونَ بِهِ «وَ النَّاهُونَ عَنِ

النَّبِىُّ حَسْبُكَ ^۱ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ^۲ ثُمَّ وَصَفَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ^۳ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِى الْاءِنْجِيلِ» ^۴ وَقَالَ : «يَوْمَ لا يُخْزِى اللّهُ النَّبِىَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ» ^۵ يَعْنِي أُولئِكَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَالَ : «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» ^۶ .
ثُمَّ حَلَاهُمْ وَوَصَفَهُمْ كَيْ لَا يَطْمَعَ فِي اللِّحَاقِ بِهِمْ إِلَا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ، فَقَالَ فِيمَا حَلَاهُمْ بِهِ وَوَصَفَهُمْ : «الَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ» ^۷ إِلى قَوْلِهِ : «أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها ^۸ خالِدُونَ» ^۹ وَقَالَ فِي صِفَتِهِمْ وَحِلْيَتِهِمْ أَيْضاً : «الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ^۱۰ يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً» ^۱۱ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ «اشْتَرَى مِنْ» هؤُلَاءِ «الْمُؤْمِنِينَ» وَمَنْ كَانَ عَلى مِثْلِ صِفَتِهِمْ «أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً ^۱۲ عَلَيْهِ حَقًّا فِى التَّوْراةِ وَالْاءِنْجِيلِ