93
الكافي - المجلد الاول

عشرة أحاديث، من بينها حديثان فقط أخرجهما الكليني في اُصول الكافي. ۱
وهذا ليس مدعاة للتعجّب؛ إذ يكاد يكون بمنزلة التصريح منهم قدّست أسرارهم بإيكال أمر الحديث إلى أعلامه وأقطابه؛ لانشغالهم بأمر عظيم، وهو تنفيذ أوامر الإمام المهدي عليه ‏السلام ، وانقطاعهم لهذا الأمر أكثر من أيّ أمر آخر. ويدلّ عليه كتاب الغيبة للشيخ الطوسي الذي ضمّ معظم المروي عن السفراء الأربعة رضي اللّه‏ تعالى عنهم، وكان جلّه بهذا الخصوص.
ولا ننسى في المقام دور أهل البيت عليهم ‏السلام في كيفيّة توجيه رواة الحديث إلى الطرق الكفيلة بمعرفة الحديث الصحيح وتمييزه عن غيره بقواعد رصينة سار عليها علماء الشيعة إلى اليوم، مع تصريحهم عليهم ‏السلام بكفر الغلاة ولعنهم، لتجنّب الرواية عنهم، ومدح الثقات، والتعريف ـ على نحو المثال ـ ببعضهم؛ لأخذ الرواية منهم، ولم يشغلوا أنفسهم عليهم ‏السلام بمراجعة كتب أصحابهم، كما لم يطلبوا من المبرّزين منهم مراجعتها، بعد تمهيد سائر السبل الأمينة لمعرفة السليم ونبذ السقيم.
ويؤيّد هذا... أنّ سيرة آخر الأئمّة عليهم ‏السلام إزاء الكتب المؤلّفة في عصورهم الشريفة، جرت على وفق ما كانت عليه سيرة آبائهم الأطهار عليهم ‏السلام ، حيث لم نسمع بأنّ أحدا منهم صلوات اللّه‏ عليهم قد طلب من مؤلّفي الشيعة في ذلك الزمان عرض مؤلّفاته عليه للتأكّد من سلامتها، أمّا لو اتّفق أن يعرض المؤلّف كتابه أو كتاب غيره على إمام عصره فلا ضير في هذا، كما حصل لبعضهم.
وإذا علمنا أنّ الظرف السياسي الذي عاشه الإمام المهدي عليه ‏السلام في غيبته الصغرى، هو أصعب بكثير ممّا كان عليه آباؤه عليهم ‏السلام ، اتّضح لنا أنّ عرض المؤلّفات عليه حفظه اللّه‏ بعينه ورعايته ليس بالأمر الطبيعي، ولا تقتضيه ظروف المرحلة، بقدر ما تقتضي بيان دَور الشيعة في غياب مَن لم يعرفه مات ميتة جاهلية. وليس من المعقول جدّا أن لا يلتفت السفراء الأربعة رضي اللّه‏ تعالى عنهم إلى مثل هذا حتى يجعلوا من الإمام المهدي أرواحنا فداه مصحّحا لمؤلّفات الشيعة، غير آبهين بخطورة تلك المرحلة، وكيف

۷۹. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، قَالَ :
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام : «إِنَّ أَبِي كَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللّه‏َ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بَعْدَ مَا يُهْبِطُهُ ۲ ، وَلكِنْ يَمُوتُ الْعَالِمُ، فَيَذْهَبُ بِمَا يَعْلَمُ، فَتَلِيهِمُ ۳ الْجُفَاةُ ۴ ، فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ، وَلاَ خَيْرَ فِي شَيْءٍ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ» ۵ .

۸۰. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه ‏السلام ، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه ‏السلام يَقُولُ: إِنَّهُ يُسَخِّي ۶ نَفْسِي فِي سُرْعَةِ الْمَوْتِ وَالْقَتْلِ فِينَا قَوْلُ اللّه‏ِ عَزَّوَجَلَّ : «أَ وَلَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِى الاْءَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها» ۷ وَهُوَ ذَهَابُ الْعُلَمَاءِ» ۸ .

1.الكافي ، كتاب الحجّة، باب في تسمية من رآه عليه ‏السلام ، ح ۸۶۹ و ۸۷۲ .

2.. في حاشية «ض ، بر»: «ما بسطه».

3.. في حاشية «ج، ض، ف، بح، بر» : «فتؤمّهم» . وهو من الأمّ بمعنى القصد ، أو من الإمامة . وقوله: «فتليهم» من الوِلاية ـ بالكسر ـ وهي الإمارة والسلطنة والتولّي للاُمور ، أي يصيروا إليهم صاحب التصرّف في اُمور دينهم ودنياهم . راجع شروح الكافي .

4.. «الجُفاة» : جمع الجافي من الجَفاء ، بمعنى غِلَظ الطبع. اُنظر: النهاية، ج ۱، ص ۲۸۰ (جفى).

5.. راجع: الأمالي للمفيد، ص ۲۰، المجلس ۳، ح ۱؛ تحف العقول ، ص ۳۷ الوافي، ج ۱، ص ۱۴۹ ، ح ۶۶.

6.. في «ج، بر»: «تُسخّي». وقوله: «يُسَخِّي» ، فاعله «قول اللّه‏» ومفعوله «نفسي» و«فينا» متعلّق ب «سرعة» أو بالقول، وردّ المازندراني من جعل تسخى مثل ترضى و «نفسي» فاعله، أو نفسي مبتدأ و«فينا» خبره، وتسخى بمعنى تترك . قال صدر المتألّهين : «أي مفاد هذه الآية : يجعل نفسي سخيّة في باب سرعة الموت أو القتل فينا أهل البيت ؛ يعني تجود نفسي بهذه الحياة اشتياقا إلى لقاء اللّه‏ تعالى ويرغب في سرعة وقوع الموت أو الشهادة الواقعة فينا ؛ لأنّ المراد من نقصان الأرض من أطرافها ـ وهي نهاياتها ـ ذهاب العلماء» . اُنظر : شرح صدر المتألّهين، ص ۱۵۹؛ شرح المازندراني، ج ۲، ح ۱۰۹؛ الوافي ، ج ۱ ، ص ۱۵۰ ؛ مرآة العقول، ج ۱، ص ۱۲۶.

7.. الرعد (۱۳) : ۴۱.

8.. الفقيه ، ج ۱، ص ۱۸۶ ، ح ۵۶۰؛ وتفسير القمّي، ج ۱، ص ۳۶۷ مرسلاً من قوله: «أو لم يروا» الوافي، ج ۱، ص ۱۴۹ ، ح ۶۷؛ البحار، ج ۴۶ ، ص ۱۰۷، ح ۱۰۲ ؛ و ج ۷۰ ، ص ۳۳۷ .


الكافي - المجلد الاول
92

أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليه ‏السلام يَقُولُ: «إِذَا مَاتَ الْمُوءْمِنُ، بَكَتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ وَبِقَاعُ ۱ الاْءَرْضِ، الَّتِي كَانَ يَعْبُدُ ۲ اللّه‏َ عَلَيْهَا، وَأَبْوَابُ السَّمَاءِ، الَّتِي كَانَ يُصْعَدُ فِيهَا بِأَعْمَالِهِ، وَثُلِمَ فِي الاْءِسْلاَمِ ثُلْمَةٌ لاَ يَسُدُّهَا شَيْءٌ؛ لاِءَنَّ الْمُوءْمِنِينَ الْفُقَهَاءَ ۳ حُصُونُ الاْءِسْلاَمِ كَحِصْنِ ۴ سُورِ الْمَدِينَةِ لَهَا» ۵ .

۷۸. وَعَنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ ۶
، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ ۷ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام ، قَالَ: «مَا مِنْ ۸ أَحَدٍ يَمُوتُ مِنَ الْمُوءْمِنِينَ أَحَبَّ إِلى إِبْلِيسَ مِنْ مَوْتِ فَقِيهٍ» ۹ .

حكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه ‏السلام :

قد تجد في الأوان الأخير من يخالف سيرة علماء الشيعة، ويتشبّث بحكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه ‏السلام ، ويستنصر لمقولة «الكافي كافٍ لشيعتنا» بعد تلطيفها! وينسب للكليني رحمه‏الله على أثر ذلك أشياء لا دليل عليها، فتراه يجزم تارةً بأنّ للكليني صلاتٍ وتردّدا مع السفراء الأربعة رضي اللّه‏ تعالى عنهم، ويؤكّد تارةً اُخرى على أنّ كبار علماء الشيعة كانوا يأتون إلى الكليني ويسألونه وهو في مجالس سفراء الإمام المهدي عجّل اللّه‏ تعالى فرجه الشريف، وثالثة يتساءل: كيف لم يطلب أحد السفراء من الكليني كتابه لعرضه على الإمام عليه ‏السلام ؟ وهلّا حظي الكافي بعناية السفراء واهتمامهم، مع أنّهم كانوا يولون العناية لما هو أقلّ شأنا من الكافي؟
وجميع هذا الكلام باطل؛
أمّا عن الصِّلات والتردّد، فاعلم أنّه لا توجد للكليني رواية واحدة في الكافي عن أيٍّ من السفراء الأربعة رضي اللّه‏ تعالى عنهم بلا واسطة، مع أنّه استقرّ ببغداد قبل سنة (۳۱۰ ه )، ودخل إلى العراق قبل سنة (۲۹۰ ه )، وحدّث عن بعض مشايخ بغداد موطن السفراء .
كما أنّ ثقة الإسلام لم يُكثر من الرواية عن أيٍّ من السفراء الأربعة بالواسطة، بل لم تكن مرويّاتهم في الكتب الأربعة كثيرة، بل هي نادرة فيها جدّا، ولعلّها لا تزيد على

1.. «بِقاع» : جمع البقعة وهي قطعة من أرض على غير الهيئة التي على جنبها . اُنظر : ترتيب كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۱۸۲ (بقع).

2.. قال المازندراني في شرحه : «الموصول مع صلته إمّا صفة للبقاع، أو صفة للأرض ، وعلى التقديرين «يعبد» إمّا مبنيّ للفاعل وفاعله: ذلك المؤمن ، أو مبنيّ للمفعول». واستبعد المجلسي البناء للمفعول في مرآة العقول .

3.. في الكافي ، ح ۴۷۵۲ والعلل وقرب الإسناد: - «الفقهاء».

4.. والكلمة ـ بقرينة تعلّق «لها» بها ـ مصدر، فهو بفتح الحاء بمعنى المنع والحرز . وقال الميرزا رفيعا في حاشيته : «الحصن ـ بضمّ الحاء ـ مصدر حصن ككرم أي منع». وفي شرح صدر المتألّهين والكافي ، ح ۴۷۵۲ : «كحصون».

5.. الكافي ، كتاب الجنائز، باب النوادر، ح ۴۷۵۲؛ وقرب الإسناد ، ص ۳۰۳ ، ح ۱۱۹۰ ، وعلل الشرائع ، ص ۴۶۲ ، ح ۲ ؛ بسند آخر عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب، مع تفاوت يسير. وفي الفقيه ، ج ۱ ، ص ۱۳۹ ، ح ۳۸۱ ، مرسلاً إلى قوله : «بأعماله » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ۱، ص ۱۴۸ ، ح ۶۳؛ الوسائل ، ج ۳، ص ۲۸۳ ، ح ۳۶۶۰.

6.. في «ب ، بر ، بس ، بف » وحاشية «ف » : «أحمد بن محمّد » .

7.. هكذا في «ش، و، بو، جح ، جر ، جل، جم» . وفي سائر النسخ والمطبوع : «الخزّاز». و ما أثبتناه هو الصواب ، كما تقدّم ذيل ح ۷۵ .

8.. في «بس» : - «من».

9.. الفقيه ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ ، ح ۵۵۹ ، مرسلاً ؛ تفسير العيّاشي ، ج ۱ ، ص ۱۵۱ ، ح ۴۹۸ ، عن سليمان بن خالد ، مع زيادة في أوّله الوافي، ج ۱، ص ۱۴۷ ، ح ۶۱.

  • نام منبع :
    الكافي - المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي، نعمة الله الجليلي، علي الحميداوي، السيّد علي‌رضا الحسيني، محمد رضا جديدي نژاد
    تعداد جلد :
    16
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5973
صفحه از 728
پرینت  ارسال به