قصصهم وأقوالهم.
كما يجد المتتبّع لأحاديث الروضة نتفا من الأحداث التاريخيّة المهمّة، وسير بعض الصحابة وكيفيّة إسلامهم، مع كثير من أخبار الصالحين وآداب المتأدّبين، ولم ينس حقوق المسلمين فيما بينهم، وما جبلت عليه القلوب، ومخالطة الناس وأصنافهم وأمراضهم وطرق علاجها.
كما حشد في الروضة أحاديث عن بعض الفضائل ومدحها، وعن الرذائل وذمّها، واُمورا اُخرى عن المطر والشمس والقمر والنجوم حتى يبدو للباحث أنّ هذا الجزء الحافل بمختلف الأخبار من عقائد وتفسير وأخلاق وقصص وتاريخ وجغرافية وطبّ وفلك جاء اسما على مسمّاه، فهو كالروضة الندية حقّا، تجمع أشتاتا من الورود والرياحين، بيد أنها لا تخلو من أشواك وعلى الخبير المنقب أن يتحاشاها.
ولم تصنّف أحاديث الروضة كسابقيها ـ الاُصول، والفروع ـ على أساس الكتب والأبواب، وإنّما ذُكِرت أحاديثها تباعا خالية من كلّ عنوان، وقد غاب المنهج بشكل واضح وذلك بتشتيت الأحاديث ذات العلاقة ببعضها في مواضع متفرّقة من هذا الجزء ممّا يصعب تناولها إلّا بقراءة جميع الأحاديث الواردة فيه.
هذا... ويمكن انطباق خطوات المنهج العام في اُصول الكافي وفروعه على خطوات المنهج المتّبع في الروضة ـ ما عدا التبويب ـ وذلك لتكرار معظمها في هذا الجزء من الكافي إلّا أنّ الفارق الأساس بينهما، هو أنّ أحاديث الاُصول والفروع قد عالجت اُمورا مخصّصة بذاتها كما أعربت عنها عناوين كتب الكافي .
أمّا أحاديث الروضة ، فهي وإن أمكن حصر بعضها بكتب أو أبواب معيّنة إلّا أنّ بعضها الآخر لا يمكن دَرْجه تحت ضابط معيّن، وذلك لتناولها اُمورا بعيدة عن علوم الشريعة، ومعالجتها أحداثا ذات علاقة بشخصيّات إسلامية معيّنة، أو لكونها متفرّدة بمعلوماتها ولا يمكن ضمّ غيرها من الأحاديث إليها، ممّا يتطلّب معه كثرة عناوين الأبواب بعدد تلك الأحاديث التي تحمل هذه الصفة، اللهمّ إلّا إذا جمعت مثل
۱۱۲. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: «الْعِلْمُ مَقْرُونٌ إِلَى الْعَمَلِ ۱ ؛ فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ، وَمَنْ عَمِلَ عَلِمَ ۲ ، وَالْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ ۳ ، فَإِنْ أَجَابَهُ، وَإِلاَّ ارْتَحَلَ عَنْهُ» ۴ .
۱۱۳. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ ۵ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: «إِنَّ الْعَالِمَ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ، زَلَّتْ مَوْعِظَتُهُ عَنِ الْقُلُوبِ كَمَا يَزِلُّ الْمَطَرُ عَنِ الصَّفَا ۶ » ۷ .
۱۱۴. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام ، فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَأَجَابَ، ثُمَّ عَادَ لِيَسْأَلَ
۸ عَنْ مِثْلِهَا ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام : «مَكْتُوبٌ فِي الاْءِنْجِيلِ: لاَ تَطْلُبُوا عِلْمَ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ۹ وَلَمَّا تَعْمَلُوا بِمَا عَلِمْتُمْ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ إِذَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ، لَمْ يَزْدَدْ صَاحِبُهُ إِلاَّ كُفْراً ، وَلَمْ يَزْدَدْ
1.. في نهج البلاغة : «بالعمل».
2.. في نهج البلاغة: - «ومن عمل علم».
3.. «يهتف بالعمل»، أي يصيح به ويدعوه ، من الهتف وهو الصوت الشديد. اُنظر : المغرب ، ص ۴۹ (هتف).
4.. نهج البلاغة ، ص ۵۳۹ ، الحكمة ۳۶۶ الوافي ، ج ۱، ص ۲۰۴ ، ح ۱۳۸.
5.. في «ألف ، بر» : «القاشاني».
6.. «الصفا» : جمع الصفاة ، وهي الصخرة والحجر الأملس ، أي غير الخشن ، أو الحجر الصلد الضخم الذي لاينبت شيئا . اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۴۶۴ (صفو).
7.. الوافي ، ج ۱، ص ۲۰۵ ، ح ۱۳۹.
8.الطبعة القدیمة للکافی : ۱/۴۵
9.. في حاشية «بف» : «علما لاتعلمون».