17
مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول

بالكتب الأربعة، مع ثمانين كتاباً حديثيّاً آخر في كتاب جامع سمّاه بـ «وسائل الشيعة إلی تحصيل مسائل الشريعة» ورتّبه علی أساس التبويب الفقهي لكتاب «شرايع الإسلام» للمحقّق الحلّي (۶۰۲ _ ۶۷۲ﻫ) الذي امتاز عمّا سواه من الكتب الفقهية السابقة عليه، فكان كتاباً جامعاً منضبطاً ومنسجماً في بحوثه ونظمه، وأصبح محوراً للشرح والتحقيق.
و من هنا صار كتاب «وسائل الشيعة» محوراً ومرجعاً للفقهاء في مدرسة أهل البيت علیهم السلام الفقهية، وربما كان بديلاً للكتب الأربعة وموجباً للاستغناء عنها؛ ولهذا لا يستغني عنه فقيه ومستنبط.
و بالرغم من الاشكال على نظم عناوينه وعملية التقطيع التي طالت أحاديث الوسائل ونوع الإرجاعات الداخلية فيه، والتي قد تكون عاملاً من عوامل الإرباك لمراجع هذا الكتاب، إلّا أنّه لم تهبط منزلة هذا الجامع الحديثي المرجع، وذلك لكثرة تفريعاته التي يستعين بها الفقيه في فقاهته والتي تزيده دربة وقدرة علی الاستنباط، فأصبح لهذه الأسباب محوراً أساسياً في الفقه الإمامي علی مدی القرون وحتّی عصرنا الحاضر، فاستحقّ ليكون محوراً لعمل فقهي حديثي يجمع نصوص السنّة والشيعة معاً ليمكن مقارنتها والإفادة من هذا التناظر الإيجابي فيها.

مميّزات الكتاب الحاضر

في هذه الموسوعة الحديثية استعرضنا الروايات الفقهية المتوافرة في مصادر أهل السنّة مع الاهتمام بآراء الصحابة والتابعين وعلماء القرنين الأوّل والثاني الهجريّين، والتي تتضمّن آراء مؤسّسي المذاهب الأربعة أيضاً _ أبي حنيفة (۱۵۰ﻫ) ومالك بن أنس (۱۷۹ﻫ) والشافعي (۲۰٤ﻫ) وأحمد بن حنبل (۲۴۱ﻫ) _ لتكون الموسوعة جامعة لكلّ ما يحتاجه الفقيه، وما يمكن أن يستفيده من خلال المقارنة بين الأحاديث في كلّ مصادر الفريقين.
و الاقتصار علی القرنين الأوّلين إنّما هو باعتبار أنّ أكثر روايات أهل البيت علیهم السلام ناظرة إلی ما اجتمع في هذه الفترة من أحاديث وما تمخّض فيها من آراء وثقافة؛ وروايات القرن الثالث قليلة جدّاً، وقلمّا نجد فيها النظر إلی ثقافة العامة في الساحة الاجتماعية السنّية أو آراء علمائها.
و قد تمّ تبويب هذه الموسوعة الحديثية علی أساس عناوين كتاب «وسائل الشيعة»


مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول
16

أسباب التأثّر بها؛ ومن هنا يلاحظ الباحث المتتبّع لآراء مؤسّسي المذاهب _ فضلاً عن الصحابة والتابعين _ مدى تأثّرهم بآراء أهل البيت علیهم السلام.
و هذا المشروع العلمي الذي بني على نفس النهج وجمع في طيّاته كلّ ما حمله حديث أهل البيت علیهم السلام من غنى وكمال بإمكانه أن يفيد علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم واتّجاهاتهم؛ لتتكامل آراؤهم من خلال ما يجدونه في هذه الموسوعه التي حاولت أن تستوعب أحاديث أهل السنّة على نفس النهج والتفصيل والتفريع المتحقّق في مدرسة أهل البيت علیهم السلام، حيث يتّضح من خلالها مدى الاشتراك والتقارب بين المسلمين في مصادرهم.
كما أنّ علماء مدرسة أهل البيت علیهم السلام بإمكانهم أن يستفيدوا من تجربة الحكم الغنية بالموضوعات التي ابتليت بها الدولة الإسلامية خلال عدّة قرون، وتمظهرت في نصوص وآراء علمائهم وسجّلت في مصادرهم.
كما نلاحظ ذلك في مثل ما استفاده الشيخ الطوسي (٤٦۰ﻫ) في مبسوطه منهم؛ حيث أحدث نقلة نوعية في نقل الفقة المأثور الى الفقه التفريعي التفصيلي المبسوط.

تاريخ تدوين الحديث الفقهي الإمامي

لم يتلكأ الأئمّة من أهل البيت علیهم السلام وشيعتهم عن كتابة الحديث وتدوينه منذ صدوره عن رسول الله صلی الله علیه و آله، وبدأوا بالتبويب منذ عهد الصادقين علیهما السلام، ويكفي كتاب الصلاة لحريز بن عبد الله السجستاني شاهداً علی ذلك؛ كما أنّ كتاب الثلاثين لحسين بن سعيد الأهوازي يمثّل أنموذجاً‌ آخر من تبويب الحديث الفقهي الذي أخذ يتكامل حتّی القرن الرابع الهجري، فظهر في الجوامع الحديثية الشيعية مثل: الكافي لثقة الإسلام الكليني (۳۲۹ﻫ) حيث يمثّل فروع الكافي أحد أهمّ هذه الجوامع الحديثية الفقهية المتطوّرة، وهكذا موسوعة من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق (۳۸۰ﻫ) وكتاب مدينة العلم له أيضاً؛ إذ يعدّان من التراث الحديثي لمدرسة قم العلمية آنذاك.
و في كتاب تهذيب الأحكام للشيخ أبي جعفر الطوسي (٤٦۰ﻫ) نلمس تطوراً آخر في تبويب الحديث الفقهي، حيث جمع فيه ۱۳۰۰۰ حديثاً عن النبيّ صلی الله علیه و آله وأهل البيت علیهم السلام.
و في القرن الثاني عشر جمع الشيخ الحرّ العاملي هذه الجوامع الحديثية التي عرفت

  • نام منبع :
    مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمود کريميان، سیدمحمدحسن حکیم
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1391
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2031
صفحه از 484
پرینت  ارسال به