15
مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول

۳. ومنها الثمار العقائدية

إنّ تمييز أتباع أهل البيت علیهم السلام عن عامّة المسلمين في بعض مظاهر السلوك العبادي كالصلاة _ مثلاً _ والتي تكون ظاهرة مشتركة بين المسلمين قد حصل في وقت متأخّر، فإنّ آراء وسيرة جملة من الصحابة والتابعين كانت تتطابق مع ما عليه جمهور أتباع أهل البيت علیهم السلام، وقد عرفنا من خلال تتبّع آراء الصحابة والتابعين وعلماء أهل السنّة أنّ هناك توافقاً ملفتاً للنظر بين ما عليه جمهور مدرسة أهل البيت علیهم السلام، وجملة من الصحابة والتابعين والعلماء غير التابعين لمدرسة أهل البيت علیهم السلام، وكذلك وجدنا هذا التوافق في نصوص الأحاديث فضلا عن التوافق في المضمون الذي يغطّي مساحة لا بأس بها في الأحاديث. ومن هنا تصبح الكرة في ملعبهم، إذ تضطرّهم للدفاع عن متبنّياتهم التي خالفت السلف الصالح بالتدريج وبمرور الزمن.
و من هنا نحصل علی فوائد عقائدية شتّی؛ للترابط الوثيق بين الفقه والعقيدة في جملة من المجالات. وبهذا يمكن الدفاع عن جملة ممّا يعدّ من اختصاصات الشيعة اليوم، بينما لم يكن من اختصاصاتهم في ما سبق من العصور الاُولی.

۴. ومنها التقريب بين المذاهب الإسلامية

هناك نصوص مشتركة في مصادرنا ومصادرهم وآراء فقهية مشتركة بين المذاهب الإسلامية بحيث تكون سبباً للتقارب بين هذه المذاهب، ومن هنا كان جمعها وتمييزها عاملاً من عوامل التقريب بين المسلمين وتقليل شقّة الخلاف والتباعد فيما بينهم.
و للتوضيح نقول : إنّ جملة من الأحاديث الواردة في مصادر الفريقين تتوافق نصّاً ومضموناً وبعضها تتوافق مضموناً، وهي تشكّل نسبة لابأس بها من أحاديث الفريقين، وهي صادرة ومدوّنة قبل نشوء المذاهب الفقهية وافتراقها وتستحقّ أن تكون محوراً من محاور التقريب بين مذاهب المسلمين؛ رغم أنّ اختلاف المباني والمناهج العلمية بطبيعته يؤدّي إلی الاختلاف فيما يترتب عليها من آراء وفتاوى.

۵. بلورة دقائق الفقه الإمامي وغناه

إنّ فقه أهل البيت علیهم السلام _ وهو الفقه الإمامي المستند إلی نصوصهم الغنية والمتكاملة _ يتميّز بالغنی والكمال والشمول، وانتشار آرائهم علیهم السلام وتميّزها بالنضج والغنى، كان سبباً من


مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول
14

إنّ فرز الروايات الصادرة تقیّة والتي لا تتكفّل بيان الحكم الشرعي الواقعي الأوّلي من مهامّ الفقيه ومسؤولیّاته التي يحتاج إليها في مقام استنباط الأحكام الشرعية الإلهية، فعدم تشخيصها يؤدّي الی تورّط الفقيه ووقوعه في فخ الأحكام غير الواقعية في مقام الاستنباط.
و من هنا تصبح معرفة آراء الصحابة والتابعين وأقوال علمائهم المعاصرين لأهل البيت علیهم السلام من جملة العناصر المؤثّرة في فهم الحكم الواقعي وتمييزه عمّا سواه ممّا صدر منهم علیهم السلام.
ومن الواضح أنّ روایات الأئمّة الأوّلين _ علي والحسن والحسين والسجّاد علیهم السلام، الذين عاشوا في القرن الأوّل وقبل أن تنتشر المذاهب الأربعة _ لاتحتمل التقيّة في رواياتهم الموافقة للآراء التي انتشرت وعرفت عن المذاهب الأربعة؛ إذ لم تكن هناك مذاهب آنذاك.
نعم، ربما يقال باحتمال التقيّة بالقياس إلى آراء الصحابة والتابعين والعلماء الذين كانوا يتحكّمون في الساحة الفكرية والعملية السياسية أو الاجتماعية، أو غيرها ممّا يهمّ السلطة والحاكمون التدخّل فيه والتصرّف على أساسه دون من سواهم. ومن هنا قد يخطأ البعض حينما يرجع إلی الآراء المعروفة عن المذاهب الأربعة ليستفيد منها موارد التقيّة. نعم هناك مجال للتفرقة بين الآراء التي عرفت عن المذاهب والآراء التي ذكرت لنفس مؤسّسي المذاهب والتي عرفت عنهم قبل التمذهب.
و من هنا قد ألفتنا النظر إلی الفرق بين نوعين من الآراء وبين عصرين من عصور الصدور، وميّزنا بين مرحلتين من المراحل المشار إليها؛ فإنّ أغلب روايات مدرسة أهل البيت علیهم السلام قد صدرت عن الأئمّة الثلاثة: الباقر والصادق والكاظم علیهم السلام وعصر الإمام الباقر علیه السلام كان قبل نشوء المذاهب الأربعة. وبعد التمييز بين المعروف عن المذاهب الأربعة وبين آراء أرباب المذاهب أنفسهم، لم تكن شبهة التقيّة في نصوص وروايات الإمام الباقر علیه السلام لو خالفت آراء الأعلام الأربعة أنفسهم.۱ _ مؤسّسي المذاهب الأربعة _ وهكذا بين نصوص روايات الإمام الصادق علیه السلام وبين آرائهم المأثورة عنهم.

1.راجع: الحدائق الناظرة: ج ۳، ص ۲۵۸_ ۲۵۹؛ ج ۷، ص ۷ و ص ۹۶ _ ۹۷ و ص ۳۴۵ و ... .

  • نام منبع :
    مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمود کريميان، سیدمحمدحسن حکیم
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1391
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2237
صفحه از 484
پرینت  ارسال به