13
مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول

آراء الصحابة وأقوال التابعين والعلماء في القرنين الأوّلين، وفي الحواضر العلمية الكبيرة، مثل: المدينة والكوفة، والسنن والعادات الإجتماعية المتعارفة فيها، والإعلام الذي يوجّهه الحكّام وأهواء الحكام والبلاط الحاكم في الدولة الإسلامية، وأذواق الناس ومیولهم حين ذاك؛ كلّها ممّا يمكن عدّها من القرائن التي تؤلّف ظرف صدور أحاديث الرسول وأهل بيته الطاهرين علیهم السلام.
و الخطوة الاُولی للوصول إلی مكوّنات ظرف الصدور هي أنّنا نری من الضروري أن نجمع روايات إخواننا أهل السنّة وأقوالهم وآراء الصحابة والتابعين ومشهور علمائهم في القرنين الأوّل والثاني الهجريّين، ونعرضها عرضاً يساعد على تصوير ظرف الصدور للفقيه الذي يريد أن يقوم بعملية إستنباط الحكم الشرعي عندما يراجع مصادر الاستنباط المتوفّرة لديه.

نتائج هذا المشروع العلمي

إنّ جمع نصوص الحديث من مصادر أهل السنّة لتطبيقها مع نصوص الحديث المتوفّرة لدی علماء شيعة أهل البيت علیهم السلام يمكن أن يحقّق مجموعة من الأهداف التي تستحقّ الاهتمام، وهي:

۱. إيضاح ظرف الصدور وتبيينه _ كما مرّ توضيحه _ .

۲. فهم وفرز الروايات التي صدرت عن أهل البيت علیهم السلام تقيّة في ظل الإرهاب والظلم الاُموي والعبّاسي بالنسبة لأهل البيت علیهم السلام وأتباعهم.

فإنّ الأئمّة علیهم السلام كانوا مسؤولين عن حفظ الكيان الإسلامي النقي المتمثّل في نفوس الشیعة وأموالهم وأعراضهم وعلمائهم، بل حفظ الأئمّة أنفسهم من الأخطار المحدقة بهم؛ ولهذا كانت أجوبتهم تتماشی مع الظرف بحيث لا تكون أجوبتهم للسائلين سبباً لانكشاف ما لا ينبغي كشفه للجهاز الحاكم وبطانته وما يرتبط به، ممّا يهدّد المجتمع الموالي لمدرسة أهل البيت علیهم السلام ويجعله شاذّاً وناشزاً وخارجاً علی العرف الإسلامي العام في ذلك الظرف.
و من هنا تكون النصوص الصادرة للظرف الخاصّ المشار إليه غير قادرة علی بيان الحكم الشرعي الواقعي، وإنّما تكون متضمّنة لحكم ظاهري _ أو واقعي ثانوي _ خاصّ بحالات الإضطرار والخوف علی النفس أو العرض؛ أو ما هو محترم في الشريعة ويلزم حفظه شرعاً وفي مدرسة أهل البيت علیهم السلام بشكل خاص.


مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول
12

وتلك البيئة، وفهم من الحديث ذلك المعنی الخاصّ المقصود للمتحدّث الذي صدر منه الحديث.
فربّ قضية عامّة حقيقية في الحديث كانت تُحمل علی مصداق خاصّ، وربّ قضية خارجية مصداقية يراد منها المعنی العام أو المطلق، ويكون المصداق مصداقاً واُنموذجاً لكبری كلّية، فلا خصوصية لذلك المصداق أصلاً؛ ومن هنا يكون المنصوص خاصاًّ والمفهوم المراد عاماً، كما قد تكون اللفظة المشتركة أو المجملة ذات معنی واضح في زمن مّا أو في بيئة خاصة بحيث لم يجد المخاطبون بها في ذلك الظرف أو تلك البيئة أيَّ إبهام أو اشتراك أو إجمال.
إذن بيئة صدور الحدیث أو ظرف صدوره والدواعي التي أدّت إلی صدوره التي اصطلح عليها بـ «أسباب ورود الحديث»؛ يراد منها مجموعة القرائن والخصوصيّات التي تُلقي بظلالها علی الحديث وتوجّهه الوجهة المطلوبة للسامع أو المخاطب والمتلقّي للحديث.
و يتألّف ظرف الصدور من عدّة عناصر متداخلة، مثل: سؤال الراوي، وقناعته الفردية، أو العامّة المجتمعية، أو عُرف مجتمعه وعاداتهم والثقافة التي تحكمهم، ومرتكزاتهم الذهنية.
و من هنا كلّما كانت الإحاطة بظرف الصدور أكثر وأعمق كان فهم المقصود أقرب إلی الواقع وأدقّ. ولذلك تكون آراء مشاهیر أهل السنّة وذوي الرأي المؤثّر في الساحة الإجتماعية العامّة، وعدم إمكان التصريح بالرأي أو الحكم الذي لابدّ للإمامعلیه السلام من الإدلاء به أو إمكان التصريح به؛ من جملة العناصر التي تصنع ظرف صدور الحديث.
ولمّا كان شيعة أهل البيت علیهم السلام وأتباعهم یقطنون في مختلف الحواضر والبلاد والمناطق الإسلامية إلی جانب إخوانهم أهل السنّة الذين كانوا يشكلون الأكثرية الساحقة؛ فمن الطبيعي أن تكون أسئلتهم منطلقة من واقعهم الاجتماعي والثقافي الذي يتحكم في حواضرهم، والذي تتبلور فيه آراء أكثر علمائهم واتّجاهاتهم وقناعاتهم.
و بتفصيل أكثر : لابدّ أن نكون بصدد إحصاء العناصر التي تشكل وتبيّن ظرف الصدور وتصنعه للفقيه؛ ليفهم المراد ممّا جاء في أحاديث الرسول صلی الله علیه و آله التي اجتمعت في الجوامع الحديثية لإخواننا أهل السنّة، وهي كما يلي:

  • نام منبع :
    مدارک فقه اهل السّنّة علی نهج وسائل الشّیعة الی تحصیل مسائل الشّریعة المجلد الاول
    سایر پدیدآورندگان :
    محمود کريميان، سیدمحمدحسن حکیم
    تعداد جلد :
    8
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1391
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 2415
صفحه از 484
پرینت  ارسال به