آراء الصحابة وأقوال التابعين والعلماء في القرنين الأوّلين، وفي الحواضر العلمية الكبيرة، مثل: المدينة والكوفة، والسنن والعادات الإجتماعية المتعارفة فيها، والإعلام الذي يوجّهه الحكّام وأهواء الحكام والبلاط الحاكم في الدولة الإسلامية، وأذواق الناس ومیولهم حين ذاك؛ كلّها ممّا يمكن عدّها من القرائن التي تؤلّف ظرف صدور أحاديث الرسول وأهل بيته الطاهرين علیهم السلام.
و الخطوة الاُولی للوصول إلی مكوّنات ظرف الصدور هي أنّنا نری من الضروري أن نجمع روايات إخواننا أهل السنّة وأقوالهم وآراء الصحابة والتابعين ومشهور علمائهم في القرنين الأوّل والثاني الهجريّين، ونعرضها عرضاً يساعد على تصوير ظرف الصدور للفقيه الذي يريد أن يقوم بعملية إستنباط الحكم الشرعي عندما يراجع مصادر الاستنباط المتوفّرة لديه.
نتائج هذا المشروع العلمي
إنّ جمع نصوص الحديث من مصادر أهل السنّة لتطبيقها مع نصوص الحديث المتوفّرة لدی علماء شيعة أهل البيت علیهم السلام يمكن أن يحقّق مجموعة من الأهداف التي تستحقّ الاهتمام، وهي:
۱. إيضاح ظرف الصدور وتبيينه _ كما مرّ توضيحه _ .
۲. فهم وفرز الروايات التي صدرت عن أهل البيت علیهم السلام تقيّة في ظل الإرهاب والظلم الاُموي والعبّاسي بالنسبة لأهل البيت علیهم السلام وأتباعهم.
فإنّ الأئمّة علیهم السلام كانوا مسؤولين عن حفظ الكيان الإسلامي النقي المتمثّل في نفوس الشیعة وأموالهم وأعراضهم وعلمائهم، بل حفظ الأئمّة أنفسهم من الأخطار المحدقة بهم؛ ولهذا كانت أجوبتهم تتماشی مع الظرف بحيث لا تكون أجوبتهم للسائلين سبباً لانكشاف ما لا ينبغي كشفه للجهاز الحاكم وبطانته وما يرتبط به، ممّا يهدّد المجتمع الموالي لمدرسة أهل البيت علیهم السلام ويجعله شاذّاً وناشزاً وخارجاً علی العرف الإسلامي العام في ذلك الظرف.
و من هنا تكون النصوص الصادرة للظرف الخاصّ المشار إليه غير قادرة علی بيان الحكم الشرعي الواقعي، وإنّما تكون متضمّنة لحكم ظاهري _ أو واقعي ثانوي _ خاصّ بحالات الإضطرار والخوف علی النفس أو العرض؛ أو ما هو محترم في الشريعة ويلزم حفظه شرعاً وفي مدرسة أهل البيت علیهم السلام بشكل خاص.