185
مكاتيب الأئمّة

سَأَلتَ : عَن قَولِ اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ : «قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَـبِ» ۱ ، فَهُوَ آصِفُ بنُ بَرخِيَا وَلَم يَعجِز سُلَيمَانُ عليه السلام عَن مَعرِفَةِ ما عَرَفَ آصِفُ ، لَكِنَّهُ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيهِ أَحَبَّ أَن يُعَرِّفَ أُمَّتَهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ أَنَّهُ الحُجَّةُ مِن بَعدِهِ ، وَذَلِكَ مِن عِلم سُلَيمَانَ عليه السلام أَودَعَهُ عِندَ آصِفَ بِأَمرِ اللّهِ ، فَفَهَّمَهُ ذَلِكَ لِئَلَا يَختَلِفَ عَلَيهِ فِي إِمَامَتِهِ وَدَلالَتِهِ كَمَا فُهِّمَ سُلَيمَانُ عليه السلام في حَيَاةِ داوُودَ عليه السلام لِتُعرَفَ نُبُوَّتُهُ وَإمَامَتُهُ مِن بَعدِهِ لِتَأَكُّدِ الحُجَّةِ عَلَى الخَلقِ .
وَأَمَّا سُجُودُ يَعقُوبَ عليه السلام وَوُلدِهِ ، فَكَان طَاعَةً للّهِِ وَمَحَبَّةً لِيُوسُفَ عليه السلام ، كَمَا أَنَّ السُّجُودَ مِنَ المَلائِكَةِ لِادَمَ عليه السلام لَم يَكُن لِادَمَ عليه السلام ، وَإنَّمَا كَانَ ذَلِكَ طَاعَةً للّهِِ وَمَحَبَّةً مِنهُم لِادَمَ عليه السلام ، فَسُجُودُ يَعقُوبَ عليه السلام وَوُلدِهُ وَيُوسُفَ عليه السلام مَعَهُم كَانَ شُكرَا للّهِِ بِاجتِمَاعِ شَملِهِم ، أَلَم تَرَهُ يَقُولُ فِي شُكرِهِ ذَ لـِكَ الوَقتَ : «رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ» ۲ إلى آخِرِ الآيَةِ .
وَأَمَّا قَولُهُ : « فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسْـئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَـبَ» ۳ فَإِنَّ المُخَاطَبَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَلَم يَكُن فِي شَكٍّ مِمَّا أُنزِلَ إِلَيهِ وَلَكِن قَالَتِ الجَهَلَةُ : كَيفَ لَم يَبعَثِ اللّهُ نَبِيَّا مِنَ المَلائِكَةِ ؟ إِذ لَم يَفرُق بَينَ نَبِيِّهِ وَبَينَنا فِي الاِستِغنَاءِ عَنِ المَآكِلِ وَالمَشَارِبِ وَالمَشِيِ فِي الأَسوَاقِ ، فَأَوحَى اللّهُ إِلَى نَبِيِّهِ : «فَسْـئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَـبَ» ۴ بِمَحضَرِ الجَهَلَةِ ، هَل بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً قَبلَكَ إِلّا وَهُوَ يَأكُلُ الطَّعَامَ ويَمشِي فِي الأَسواقِ وَلَكَ بِهِم أُسوَةٌ . وَإِنَّمَا قَالَ : « فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ» ۵ وَلَم يَكُن شَكٌّ وَلَكِن لِلنَّصَفَةِ كَمَا قَالَ : «تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ

1.النمل :۴۰ .

2.يوسف :۱۰۱ .

3.يونس : ۹۴ .

4.. يونس : ۹۴ .


مكاتيب الأئمّة
184

تشتهي الأَنفُسُ ] فكيف عُوقب ؟ وعن قوله : «أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَ إِنَـثًا» ۱ ، يُزوّج اللّه عباده الذُّكران ، وقد عاقب قوما فعلوا ذلك ؟
وعن شهادة المرأة جازت وحدها وقد قال اللّه : «وَ أَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ» ۲ ، وعن الخُنثى وقول عليّ عليه السلام : يُورث من المبال ، فمن ينظر ـ إذا بال ـ إليه ؟ مع أنّه عسى أن يكون امرأة وقد نظر إليها الرجال ، أو عسى أن يكون رجلاً وقد نظرت إليه النساء وهذا مالا يحلّ ، وشهادة الجارّ إلى نفسه لا تقبل ؟
وعن رجل أتى إلى قطيع غنمٍ فرأى الراعي ينزو على شاةٍ منها ، فلمّا بَصُرَ بصاحبها خلّى سبيلها ، فدخلت بين الغنم ، كيف تُذبح وهل يجوز أكلها أم لا ؟ وعن صلاة الفجر لم يُجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النهار وإنّما يُجهر في صلاة الليل ؟ وعن قول عليّ عليه السلام لابن جُرموز : بشّر قاتل ابن صَفيّة ۳ بالنار . فلم يقتله وهو إمام ؟
وأخبرني عن علي عليه السلام لِمَ قتل أَهل صفّين وأمر بذلك مُقبلين ومدبِرِين وأَجاز على الجرحى ، وكان حُكمُه يوم الجمل أنَّه لم يقتُل مولِّيا ولم يُجز على جريح ولم يأمر بذلك ، وقال : من دخل داره فهو آمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن . لِمَ فعل ذلك ؟ فإن كان الحُكم الأَوَّل صوابا فالثاني خطأ . وأخبرني عن رجل أقرّ باللواط على نفسهِ أيحدّ ، أم يدرأُ عنه الحدُّ ؟
قال عليه السلام : أُكتُب إِلَيهِ ، قُلت : وما أَكتُب ؟ قال عليه السلام : أُكتُب :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ : وَأَنتَ فَأَلهَمَكَ اللّهُ الرُّشدَ ، أَتَانِي كِتَابُكَ فَامتَحَنتَنا بِهِ مِن تَعَنُّتِكَ لِتَجِدَ إِلَى الطَّعنِ سَبِيلاً إِن قَصُرنَا فِيها ، وَاللّهُ يُكافِيكَ عَلَى نِيَّتِكَ ، وَقَد شَرَحنَا مَسَائِلَكَ فَأَصغِ إِلَيِهَا سَمعَكَ وَذَلِّل لَهَا فَهمَكَ وَاشغَل بِهَا قَلبَكَ ، فَقَد لَزِمَتكَ الحُجَّةُ وَالسَّلامُ .

1.الشورى :۵۰ .

2.الطلاق :۲ .

3.ابن صفية هو الزبير بن العوّام ، الصحابي المعروف الّذي نكث بيعة عليّ عليه السلام وأوقد نيران الحرب بين المسلمين في وقعة الجمل .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3054
صفحه از 453
پرینت  ارسال به