81
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فأكثروا ، ثمّ ساروا منها ، فرسموا صدر يومهم حتّى انتصف النهار ، ثمّ إنّ رجلاً قال : اللَّه أكبر! فقال الحسين : اللَّه أكبر ما كبّرت؟!

قال : رأيت النخل ، فقال له الأسديّان : إنّ هذا المكان ما رأينا به نخلة قطّ ، قالا : فقال لنا الحسين : فما تريانه رأى؟ قلنا : نراه رَأى هوادي الخيل ، فقال : وأنا واللَّه أرى ذلك .
فقال الحسين : أما لنا ملجأ نلجأ إليه ، نجعله في ظهورنا ، ونستقبل القوم من وجه واحد؟ فقلنا له : بلى ، هذا ذو حسم إلى جنبك ، تميل إليه عن يسارك ، فإن سبقت القوم إليه فهو كما تريد .
قالا :
فأخذ إليه ذات اليسار ، قالا : وملنا معه فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل ، فتبيّناها ، وعدنا ، فلمّا رأونا وقد عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا كأنّ أسنّتهم اليعاسيب ، وكأنّ راياتهم أجنحة الطير ، قال : فاستبقنا إلى ذي حسم ، فسبقناهم إليه ، فنزل الحسين ، فأمر بأبنيته فَضُربت ، وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميمي اليربوعي حتّى وقف هو وخيله مقابل الحسين في حرّ الظهيرة ، والحسين و أصحابه معتمّون متقلّدو أسيافهم .

فقال ۱الحسين لفتيانه : اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشّفوا الخيل ترشيفاً ، فقام فتيانه فرشّفوا الخيل ترشيفاً ، فقام فتية وسقوا القوم من الماء حتّى أرووهم ، وأقبلوا يملئون القصاع و الأتوار والطساس من الماء ، ثمّ يدنونها من الفرس ، فإذا عبّ فيه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عزلت عنه ، وسقوا آخر حتّى سقوا الخيل كلّها .

قال هشام : حدّثني لقيط ، عن عليّ بن الطعّان المحاربي : كنت مع الحرّ بن يزيد ، فجئت في آخر من جاء من أصحابه ، فلمّا رأى الحسين ما بي وبفرسي من العطش قال : أنخ الراوية - و الراوية عندي السقاء - ثمّ قال : يا بن أخ ، أنخ الجمل ، فأنخته ،

1.۵ / ۴۰۱


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
80

الحسين عليه السلام أين تريد؟ فحدّثه ، فقال له : إني أنشدُك اللَّه لمّا انصرفت ، فو اللَّه ، لا تقدم إلّا على الأسنّة وحدّ السيوف ، فإنّ هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ، ووطّئوا لك الأشياء فقدمت عليهم ، كان ذلك رأياً ، فأمّا على هذه الحال التي تذكرها فإنّي لا أرى لك أن تفعل .

قال : فقال له : يا عبداللَّه ، إنّه ليس يخفى عليَّ ، الرأي ما رأيت ، ولكنّ اللَّه لا يغلب على أمره ، ثمّ ارتحل منها .
و نزع يزيد بن معاوية في هذه السنة الوليد بن عتبة عن مكّة ، وولاّها عمرو بن سعيد بن العاص ، وذلك في شهر رمضان منها ، فحجّ بالناس عمرو بن سعيد في هذه السنة . حدّثني بذلك أحمد بن ثابت ، عمّن ذكره ، عن إسحاق بن عيسى ، عن أبي معشر .
و كان عامله على مكّة والمدينة في هذه السنة بعد ما عزل الوليد بن عتبة عمرو بن سعيد ، و على الكوفة والبصرة وأعمالهما عبيد اللَّه بن زياد ، وعلى قضاء الكوفة شريح بن الحارث ، و على قضاء البصرة هشام بن هبيرة .

۱ثمّ دخلت سنة إحدى وستّين‏

(ذكر الخبر عمّا كان فيها من الأحداث)

فمن ذلك مقتل الحسين رضوان اللَّه عليه ، قتل فيها في المحرّم لعشر خلون منه ، كذلك حدّثني أحمد بن ثابت ، قال : حدّثني مُحدّث ، عن إسحاق بن عيسى ، عن أبي معشر ، وكذلك قال الواقدي وهشام بن الكلبي ، وقد ذكرنا ابتداء أمر الحسين في مسيره نحو العراق و ما كان منه في سنة ستّين ، ونذكر الآن ما كان من أمره في سنة إحدى وستّين ، وكيف كان مقتله .

حدّثت عن هشام ، عن أبي مخنف ، قال : حدّثني أبو جناب ، عن عديّ بن حرملة ، عن عبداللَّه بن سليم والمذرى بن المشمعل الأسديين ، قالا : أقبل الحسين عليه السلام حتّى نزل شراف ، فلمّا كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء

1.۵ / ۴۰۰

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5886
صفحه از 512
پرینت  ارسال به