قال أبو مخنف : حدّثني أبو عليّ الأنصاري ، عن بكر بن مصعب المزني ، قال : كان الحسين لا يمرّ بأهل ماء إلّااتّبعوه حتّى إذا انتهى إلى زبالة سقط إليه مقتل أخيه من الرضاعة ، مقتل عبداللَّه بن بُقطُر ، وكان سرّحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق ، وهو لا يدري أنّه قد اُصيب ، فتلقّاه خيل الحصين بن تميم بالقادسية ، فسرّح به إلى عبيد اللَّه بن زياد ، فقال : اصعد فوق القصر فالعن الكذّاب ابن الكذّاب ، ثمّ انزل حتّى أرى فيك رأيي! قال : فصعد ، فلمّا أشرف على الناس قال :
أيّها الناس ، إنّي رسول الحسين ابن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة ابن سمية الدَعِيّ ، فأمر به عبيد اللَّه فاَُلقي من فوق القصر إلى الأرض ، فكسرت عظامه ، وبقي به رمق ، فأتاه رجل يقال له : عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه ، فلمّا عيب ذلك عليه قال : إنّما أردت أن اُريحه .
قال هشام : حدّثنا أبو بكر بن عيّاش عمّن أخبره ، قال : واللَّه ، ما هو عبد الملك بن عمير الذي قام إليه فذبحه ، ولكنّه قام إليه رجل جعد طوال يشبه عبد الملك بن عمير ، قال : فاُتي ذلك الخبر حسيناً وهو بزباله ، فأخرج للناس كتاباً ، فقرا عليهم :
بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد؛ فإنّه قد أتانا خبرٌ فظيعٌ ، قُتل مسلم ابن عقيل وهانئ بن عروة وعبداللَّه بن يقطر ، وقد خذلتنا شيعتنا ، فمن ۱أحبّ منكم الانصراف فلينصرف ، ليس عليه منّا ذمام .
قال : فتفرّق الناس عنه تفرّقاً ، فأخذوا يميناً وشمالاً حتّى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ، وإنّما فعل ذلك لأنّه ظنّ إنّما اتّبعه الأعراب؛ لأنّهم ظنّوا أنّه يأتي بلداً قد استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه إلّا وهم يعلمون عَلامَ يقدمون ، وقد علم أنّهم إذا بيّن لهم لم يصحبه إلّا من يريد مواساته والموت معه .
قال : فلمّا كان من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء وأكثروا ، ثمّ سار حتّى مرّ ببطن العقبة ، فنزل بها .
قال أبو مخنف : فحدّثني لوذان أحد بني عكرمة أنّ أحد عمومته سأل