79
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

قال أبو مخنف : حدّثني أبو عليّ الأنصاري ، عن بكر بن مصعب المزني ، قال : كان الحسين لا يمرّ بأهل ماء إلّااتّبعوه حتّى إذا انتهى إلى زبالة سقط إليه مقتل أخيه من الرضاعة ، مقتل عبداللَّه بن بُقطُر ، وكان سرّحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق ، وهو لا يدري أنّه قد اُصيب ، فتلقّاه خيل الحصين بن تميم بالقادسية ، فسرّح به إلى عبيد اللَّه بن زياد ، فقال : اصعد فوق القصر فالعن الكذّاب ابن الكذّاب ، ثمّ انزل حتّى أرى فيك رأيي! قال : فصعد ، فلمّا أشرف على الناس قال :
أيّها الناس ، إنّي رسول الحسين ابن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة ابن سمية الدَعِيّ ، فأمر به عبيد اللَّه فاَُلقي من فوق القصر إلى الأرض ، فكسرت عظامه ، وبقي به رمق ، فأتاه رجل يقال له : عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه ، فلمّا عيب ذلك عليه قال : إنّما أردت أن اُريحه .

قال هشام : حدّثنا أبو بكر بن عيّاش عمّن أخبره ، قال : واللَّه ، ما هو عبد الملك بن عمير الذي قام إليه فذبحه ، ولكنّه قام إليه رجل جعد طوال يشبه عبد الملك بن عمير ، قال : فاُتي ذلك الخبر حسيناً وهو بزباله ، فأخرج للناس كتاباً ، فقرا عليهم :
بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد؛ فإنّه قد أتانا خبرٌ فظيعٌ ، قُتل مسلم ابن عقيل وهانئ بن عروة وعبداللَّه بن يقطر ، وقد خذلتنا شيعتنا ، فمن ۱أحبّ منكم الانصراف فلينصرف ، ليس عليه منّا ذمام .

قال : فتفرّق الناس عنه تفرّقاً ، فأخذوا يميناً وشمالاً حتّى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ، وإنّما فعل ذلك لأنّه ظنّ إنّما اتّبعه الأعراب؛ لأنّهم ظنّوا أنّه يأتي بلداً قد استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه إلّا وهم يعلمون عَلامَ يقدمون ، وقد علم أنّهم إذا بيّن لهم لم يصحبه إلّا من يريد مواساته والموت معه .

قال : فلمّا كان من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء وأكثروا ، ثمّ سار حتّى مرّ ببطن العقبة ، فنزل بها .

قال أبو مخنف : فحدّثني لوذان أحد بني عكرمة أنّ أحد عمومته سأل

1.۵ / ۳۹۹


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
78

حين نزل ، فسلّمنا عليه فردّ علينا ، فقلنا له : يرحمك اللَّه ، إنّ عندنا خبراً ، فإن شئت حدّثنا علانية ، وإن شئت سرّاً؟

قال : فنظر إلى أصحابه وقال : ما دون هؤلاء سر .
فقلنا له : أ رايت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس؟ قال : نعم ، وقد أردت مسألته ، فقلنا : قد استبرأنا لك خبره ، وكفيناك مسألته ، وهو امرؤ من أسد منّا ، ذو رأي وصدق ، وفضل وعقل ، و أنه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، وحتّى رآهما يجرّان في السوق بأرجلهما!!
فقال : إِنَّا للَّهِ‏ِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! رحمة اللَّه عليهما ، فردّد ذلك مراراً .
فقلنا : ننشدك اللَّه في نفسك وأهل بيتك إلّا انصرفت من مكانك هذا ، فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أن تكون عليك! قال : فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبي طالب .

قال أبو مخنف : حدّثني عمر بن خالد ، عن زيد بن عليّ بن حسين ، وعن داود بن عليّ بن عبداللَّه بن عبّاس ، أنّ بني عقيل قالوا : لا واللَّه ، لا نبرح حتّى ندرك ثأرنا ، أو نذوق ما ذاق أخونا .

۱قال أبو مخنف : عن أبي جناب الكلبي ، عن عديّ بن حرملة ، عن عبداللَّه بن سليم والمذرى بن المشمعل الأسديّين ، قالا : فنظر إلينا الحسين فقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء .
قالا : فعلمنا أنّه قد عزم له رأيه على المسير ، قالا : فقلنا : خار اللَّه لك ، قالا : فقال : رحمكما اللَّه .
قالا : فقال له بعض أصحابه : إنّك واللَّه ما أنت مثل مسلم بن عقيل ، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع .

قال الأسديان : ثمّ انتظر حتّى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه : أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا ، ثمّ ارتحلوا وساروا حتّى انتهوا إلى زبالة .

1.۵ / ۳۹۸

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5965
صفحه از 512
پرینت  ارسال به