فخير الأمان أمان اللَّه ، ولن يؤمن اللَّه يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا ، فنسأل اللَّه مخافة في الدنيا توجب لنا أمانه يوم ۱القيامة ، فإنّ كنتَ نويتَ بالكتاب صِلَتي وبرّي ، فجزيت خيراً في الدنيا والآخرة ، والسلام .
رجع الحديث إلى حديث عمّار الدهني عن أبي جعفر ، فحدّثني زكرياء بن يحيى الضرير ، قال : حدّثنا أحمد بن جناب المصيصيّ ، قال : حدّثنا خالد بن يزيد بن عبداللَّه القسري ، قال : حدّثنا عمّار الدهني ، قال : قلت لأبي جعفر : حدّثني عن مقتل الحسين حتّى كأنّي حضرته ، قال : فأقبل حسين بن عليّ بكتاب مسلم بن عقيل كان إليه ، حتّى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال ، لقيه الحرّ بن يزيد التميمي ، فقال له : أين تريد؟
قال : اُريد هذا المصر ، قال له : ارجع فانّي لم أدع لك خلفي خيراً أرجوه ، فهمّ أن يرجع ، وكان معه إخوة مسلم بن عقيل ، فقالوا : واللَّه ، لا نرجع حتّى نصيب بثأرنا أو نقتل ، فقال : لا خير في الحياه بعدكم! فسار فلقيته أوائل خيل عبيد اللَّه ، فلمّا رأى ذلك عدل إلى كربلاء فأسند ظهره إلى قصباء وخَلاً . كيلا يقاتل إلّا من وجه واحد ، فنزل وضرب أبنيته ، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارساً ومئه راجل ، وكان عمر بن سعد بن أبي وقّاص قد ولاّه عبيد اللَّه بن زياد الريّ ، وعهد إليه عهده ، فقال : اكفني هذا الرجل ، قال : أعفني ، فأبى أن يعفيه ، قال : فانظرني الليلة ، فأخّره ، فنظر في أمره فلمّا أصبح غدا عليه راضياً بما أمر به ، فتوجّه إليه عمر بن سعد .
فلمّا أتاه قال له الحسين : اختر واحدة من ثلاث : إمّا أن تدعوَني فأنصرف من حيث جئت ، وإمّا أن تدعوَني فأذهب إلى يزيد ، وإمّا أن تدعوَني فألحق بالثغور .
فقبل ذلك عمر ، فكتب إليه عبيد اللَّه : لا ، ولا كرامة حتّى يضع يده في يدي!
فقال له الحسين : لا واللَّه ، لا يكون ذلك أبداً ، فقاتله فقتل أصحاب الحسين كلّهم ، وفيهم بضعة عشر شابّاً من أهل بيته ، وجاء سهم فأصاب ابناً له معه في حجره ، فجعل يمسح الدم عنه ويقول : اللّهمّ احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا