65
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

قالا : فطاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة ، وقصّ من شعره ، وحلّ من عمرته ، ثمّ توجّه نحو الكوفة ، وتوجّهنا نحو الناس إلى منى .
قال أبو مخنف : عن أبي سعيد عقيصى ، عن بعض أصحابه ، قال : سمعت الحسين بن عليّ وهو بمكّة وهو واقف مع عبداللَّه بن الزبير ، فقال له ابن الزبير : إليَّ يا بن فاطمة ، فأصغي إليه ، فسارّه ، قال : ثمّ التفت إلينا الحسين فقال : أ تدرون ما يقول ابن الزبير؟ فقلنا : لا ندري ، جعلنا اللَّه فداك! فقال : قال : أقم في هذا المسجد أجمع لك الناس .

ثمّ قال الحسين :
و اللَّه ، لأن اُقتل خارجاً منها بشبر أحبّ إليّ من أن اُقتل داخلاً منها بشبر ، وأيم اللَّه ، لو كنت في جحر هامّة من هذه الهوامّ لاستخرجوني حتّى يقضوا فيَّ حاجتهم ، وو اللَّه ، ليَعتدُنّ عليَّ كما اعتدت اليهود في السبت .
قال أبو مخنف : حدّثني الحارث بن كعب الوالبي ، عن عقبة بن سمعان ، قال : لمّا خرج الحسين من مكّة اعترضه رسل عمرو بن سعيد بن العاص ، عليهم يحيى بن سعيد ، فقالوا له : انصرف ، أين تذهب؟ فأبى عليهم ومضى ، وتدافع الفريقان ، فاضطربوا بالسياط ، ثمّ إنّ الحسين وأصحابه امتنعوا امتناعاً قويّاً ، ومضى الحسين عليه السلام على وجهه ، فنادوه : يا حسين ، ألا تتّقي اللَّه تخرج من الجماعة ، وتفرّق بين هذه الاُمّة؟! فتأوّل حسين قول اللَّه عزّ و جلّ : «لِّى عَمَلِى وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِى‏ءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ» .
قال : ثمّ إنّ الحسين أقبل حتّى مرّ بالتنعيم ، فلقى بها عيراً قد أقبل بها من اليمن ، بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلى يزيد بن معاوية وكان عامله على اليمن وعلى العير الورس و الحلل ، ينطلق بها إلى يزيد ،۱فأخذها الحسين ، فانطلق بها ، ثمّ قال لأصحاب الإبل : لا اُكرهكم ، مَن أحبّ أن يمضي معنا إلى العراق أوفينا كراءه وأحسنّا صحبته ، ومَن أحبّ أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكراء على قدر

1.۵ / ۳۸۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
64

فقال له الحسين : يا بن عمّ ، إنّي واللَّه لأعلم أنّك ناصح مشفق ، ولكنّي قد أزمعت وأجمعت على المسير .
فقال له ابن عبّاس : فان كنت سائراً فلا تسر بنسائك وصبيتك ، فو اللَّه ، إنّي لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ، ونساؤه وولده ينظرون إليه ، ثمّ قال ابن عباس : لقد أقررتَ عينَ ابنِ الزبير بتخليتك إيّاه والحجاز والخروج منها ، وهو اليوم لا ينظر إليه أحد معك ، واللَّه الذي لا إله إلّا هو ، لو أعلم أنّك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتّى يجتمع عليّ وعليك الناس أطعتني ، لفعلت ذلك .

قال : ثمّ خرج ابن عبّاس من عنده ، فمرّ بعبداللَّه بن الزبير ، فقال : قرّت عينك يا بن الزبير! ثمّ قال :

يا لكِ من قُبَّرة بمَعمرِخَلا لَكِ الجوّ فبيضي واصفري‏
و نَقِّرِي ما شئت أن تُنَقِّري‏
هذا حسين يخرج إلى العراق ، وعليك بالحجاز .
قال أبو مخنف : قال أبو جناب يحيى بن أبي حيّة ، عن عديّ بن حرملة الأسدي ، عن عبداللَّه بن سليم والمذريّ بن المشمعل الأسديين ، قالا : خرجنا حاجّين من الكوفة حتّى قدمنا مكّة ، فدخلنا يوم التروية ، فإذا نحن بالحسين وعبداللَّه بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب ، قالا : فتقرّبنا منهما ، فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين : إن شئت أن تقيم أقمت فولِّيتَ هذا الأمر ، فآزرناك وساعدناك ، ونصحنا لك وبايعناك .

فقال له الحسين : إنّ أبي حدّثني أنّ بها كبشاً يستحلّ حرمتها ، فما اُحبّ أن أكون أنا ذلك الكبش .
فقال له ابن الزبير : فأقم إن شئتَ وتولّيني أنا الأمر فتطاع ولا تعصى ، فقال : وما اُريد هذا أيضاً ، قالا : ثمّ إنّهما أخفيا ۱كلامهما دوننا ، فما زالا يتناجيان حتّى سمعنا دعاء الناس رائحين متوجّهين إلى منى عند الظهر .

1.۵ / ۳۸۵

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6217
صفحه از 512
پرینت  ارسال به