الحارث بن هشام المخزومي ، قال : لمّا قدمت كتب أهل العراق إلى الحسين وتهيّأ للمسير إلى العراق ، أتيته فدخلت عليه وهو بمكّة ، فحمدت اللَّه وأثنيت عليه ، ثمّ قلت :
أمّا بعد؛ فإنّي أتيتك يا بن عمّ لحاجة اُريد ذكرها لك نصيحة ، فإن كنت ترى أنّك تستنصحني و إلّا كففت عمّا اُريد أن أقول . فقال : قُل ، فو اللَّه ، ما أظنّك بسيّئ الرأي ، ولا هو للقبيح من الأمر والفعل .
قال : قلت له : إنّه قد بلغني أنّك تريد المسير إلى العراق ، وإنّي مشفق عليك من مسيرك ، إنّك تأتي بلداً فيه عمّاله وأمراؤه ، ومعهم بيوت الأموال ، وإنّما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار ، و لا آمن عليك أن يقاتلك مَن وعدك نصره ، ومن أنت أحبّ إليه ممّن يقاتلك معه .
فقال الحسين : جزاك اللَّه خيراً يا بن عمّ ، فقد واللَّه علمت أنّك مشيت بنصح ، وتكلّمت بعقل ، ومهما يُقضَ من أمر يكن ، أخذت برأيك أو تركته ، فأنت عندي أحمدُ مشيرٍ ، وأنصحُ ناصحٍ .
قال : فانصرفت من عنده فدخلت على الحارث بن خالد بن العاص بن هشام ، فسألني : هل لقيتَ حسيناً؟ فقلت له : نعم ، قال : فما قالَ لَكَ ، وما قُلتَ له؟ قال : فقلت له : قلت : كذا وكذا ، وقال : كذا وكذا ، فقال : نصحتَهُ وربّ المروة الشهباء ، أما وربّ البنيّة ، أنّ الرأي لما رأيته ، قبله أو تركه ، ثمّ قال :
رُبّ مستنصحٍ يَغُشُّ ويُردِيو ظَنينٍ بالغيبِ يُلفَى نَصِيحَا
۱قال أبو مخنف : وحدّثني الحارث بن كعب الوالبي ، عن عقبة بن سمعان ، أنّ حسيناً لمّا أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبداللَّه بن عبّاس فقال : يا بن عمّ ، إنّكَ قد أرجفَ الناسُ أنّكَ سائر إلى العراق ، فبيّن لي ما أنت صانع؟
قال : إنّي قد أجمعتُ المسير في أحد يوميَّ هذين إن شاء اللَّه تعالى .
فقال له ابن عبّاس : فإنّي اُعيذك باللَّه من ذلك ، أخبرني رحمك اللَّه! أ تسير إلى