63
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

قومٍ قد قتلوا أميرهم ، وضبطوا بلادهم ، ونفوا عدوّهم؟ فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم ، وإن كانوا إنّما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم ، وعمّاله تجبى بلادهم ، فإنّهم إنّما دعوك إلى الحرب والقتال ، ولا آمن عليك أن يغرّوك ويكذّبوك ، ويخالفوك ويخذلوك ، وأن يستنفروا إليك ، فيكونوا أشدّ الناس عليك .
فقال له حسين : وإنّي أستخير اللَّه وأنظر ما يكون .

قال : فخرج ابن عبّاس من عنده ، وأتاه ابن الزبير فحدّثه ساعةً ، ثمّ قال : ما أدري ما تركنا هؤلاء القوم وكفّنا عنهم ، ونحن أبناء المهاجرين ، وولاة هذا الأمر دونهم! خبّرني ما تريد أن تصنع؟
فقال الحسين : واللَّه ، لقد حدّثت نفسي بإتيان الكوفة ، ولقد كتب إليَّ شيعتي بها وأشراف أهلها ، وأستخير اللَّه .
فقال له ابن الزبير : أما لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها . قال : ثمّ إنّه خشي أن يتّهمه فقال : أما إنّك لو أقمت بالحجاز ثمّ أردت هذا الأمر هاهنا ما خولف عليك إن شاء اللَّه .

ثمّ قام فخرج من عنده ، فقال الحسين : ها أنّ هذا ليس شي‏ء يؤتاه من الدنيا أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز إلى العراق ، وقد علم أنّه ليس له من الأمر معي شي‏ء ، وأنّ الناس لم يعدلوه بي ، فَوَدَّ أنّي خرجت منها لتخلو له .
قال : فلمّا كان من العشيّ أو من الغد ، أتى الحسينَ عبداللَّه بن العبّاس فقال : يا بن عمّ ، إنّي أتصبّر ولا أصبر ، إنّي أتخوّف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال ، إنّ أهل العراق قومُ غَدرٍ ، فلا تقربنَّهم ، أقم بهذا البلد فإنّك سيّد أهل الحجاز ، فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عدوّهم ، ثمّ أقدم عليهم ، فإن أبيت إلّا أنّه تخرج فسر إلى اليمن؛ ۱فإنّ بها حصوناً وشعاباً ، وهي أرض عريضة طويلة ، ولأبيك بها شيعة ، وأنت عن الناس في عزلة ، فتكتب إلى الناس وترسل ، وتبثّ دُعاتك ، فإنّي أرجو أن يأتيك عند ذلك الذي تحبّ في عافية .

1.۵ / ۳۸۴


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
62

الحارث بن هشام المخزومي ، قال : لمّا قدمت كتب أهل العراق إلى الحسين وتهيّأ للمسير إلى العراق ، أتيته فدخلت عليه وهو بمكّة ، فحمدت اللَّه وأثنيت عليه ، ثمّ قلت :
أمّا بعد؛ فإنّي أتيتك يا بن عمّ لحاجة اُريد ذكرها لك نصيحة ، فإن كنت ترى أنّك تستنصحني و إلّا كففت عمّا اُريد أن أقول . فقال : قُل ، فو اللَّه ، ما أظنّك بسيّئ الرأي ، ولا هو للقبيح من الأمر والفعل .

قال : قلت له : إنّه قد بلغني أنّك تريد المسير إلى العراق ، وإنّي مشفق عليك من مسيرك ، إنّك تأتي بلداً فيه عمّاله وأمراؤه ، ومعهم بيوت الأموال ، وإنّما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار ، و لا آمن عليك أن يقاتلك مَن وعدك نصره ، ومن أنت أحبّ إليه ممّن يقاتلك معه .

فقال الحسين : جزاك اللَّه خيراً يا بن عمّ ، فقد واللَّه علمت أنّك مشيت بنصح ، وتكلّمت بعقل ، ومهما يُقضَ من أمر يكن ، أخذت برأيك أو تركته ، فأنت عندي أحمدُ مشيرٍ ، وأنصحُ ناصحٍ .
قال : فانصرفت من عنده فدخلت على الحارث بن خالد بن العاص بن هشام ، فسألني : هل لقيتَ حسيناً؟ فقلت له : نعم ، قال : فما قالَ لَكَ ، وما قُلتَ له؟ قال : فقلت له : قلت : كذا وكذا ، وقال : كذا وكذا ، فقال : نصحتَهُ وربّ المروة الشهباء ، أما وربّ البنيّة ، أنّ الرأي لما رأيته ، قبله أو تركه ، ثمّ قال :

رُبّ مستنصحٍ يَغُشُّ ويُردِي‏و ظَنينٍ بالغيبِ يُلفَى نَصِيحَا
۱قال أبو مخنف : وحدّثني الحارث بن كعب الوالبي ، عن عقبة بن سمعان ، أنّ حسيناً لمّا أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبداللَّه بن عبّاس فقال : يا بن عمّ ، إنّكَ قد أرجفَ الناسُ أنّكَ سائر إلى العراق ، فبيّن لي ما أنت صانع؟
قال : إنّي قد أجمعتُ المسير في أحد يوميَّ هذين إن شاء اللَّه تعالى .

فقال له ابن عبّاس : فإنّي اُعيذك باللَّه من ذلك ، أخبرني رحمك اللَّه! أ تسير إلى

1.۵ / ۳۸۳

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6239
صفحه از 512
پرینت  ارسال به