59
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

قال : ووثبوا إليه فشدّوه وثاقاً ، ثمّ قيل له : امدد عنقك ، فقال : ما أنا بها مجدٍ سخيّ ، وما أنا بمعينكم على نفسي .
قال : فضربه مولى لعبيد اللَّه بن زياد - تركي يقال له : رشيد - بالسيف ، فلم يصنع سيفه شيئاً ، فقال هانئ : إلى اللَّه المعاد! اللّهمّ إلى رحمتك ورضوانك! ثمّ ضربه اُخرى فقتله .

قال : فبصر به عبد الرحمن بن الحصين المرادي بخازر ، وهو مع عبيد اللَّه بن زياد ، فقال الناس : هذا قاتل هانئ بن عروة ، فقال ابن الحصين : قتلني اللَّه إن لم أقتله أو أقتل دونه! فحمل عليه بالرمح فطعنه فقتله .
ثمّ إنّ عبيد اللَّه بن زياد لمّا قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة دعا بعبد الأعلى الكلبي الذي كان أخذه كثير بن شهاب في بني فتيان ، فاُتي به ، فقال له : أخبرني بأمرك .

فقال : أصلحك اللَّه! خرجتُ لأنظر ما يصنع الناس ، فأخذني كثير بن شهاب ، فقال له : فعليك و عليك ، من الأيمان المغلّظة ، إن كان أخرجك إلّا ما زعمت؟ فأبى أن يحلف .
فقال عبيد اللَّه : انطلقوا بهذا إلى جبّانة السبيع فاضربوا عنقه بها ، قال : فانطُلِق به فضربت عُنُقه .

قال : وأخرج عمارة بن صلخب الأزدي - وكان ممّن يريد أن يأتي مسلم بن عقيل بالنصرة لينصره - فاُتي به أيضاً عبيد اللَّه ، فقال له : ممّن أنت؟ قال : من الأزد . قال : انطلقوا به إلى قومه ، فضُرِبَت عُنقُه فيهم ، فقال عبداللَّه بن الزبير الأسدي في قتله مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة المرادي - ويقال : قاله الفرزدق :

إِن كُنتِ لا تَدرينَ ما الموتُ فانظُري‏إلى هانئٍ في السوقِ وابنِ عقيلِ‏
۱إلى بطَلٍ قد هَشَّمَ السيفُ وجهَهُ‏و آخر يهوِي مِن طَمارٍ قَتيلِ‏
أصابَهما أمرُ الأمير فأصبحاأحاديثَ من يسري بكُلّ سبيل‏
تَرى جَسَداً قد غيّر الموتُ لونَهُ‏و نَضحَ دمٍ قَد سَال كُلَّ مسيلِ‏
فتىً هو أحيا من فتاةٍ حَييّةو أقطعُ من ذي شَفرتَين صقيلِ‏
أ يركَبُ أسماءُ الهماليج آمِناًو قد طلبته مَذحِجٌ بذُحولِ!
تُطِيفُ حواليه مُرادٌ وكلُّهُم‏على رِقبة من سائلٍ ومَسولِ‏
فإن أنتمُ لم تثأروا بأَخيكُمُ‏فكونوا بغايا اُرضِيَت بقليلِ‏
قال أبو مخنف : عن أبي جناب يحيى بن أبي حيّة الكلبي ، قال : ثمّ إنّ عبيد اللَّه بن زياد لمّا قتلَ مسلماً وهانئاً بعث برؤوسهما مع هانئ بن أبي حيّة الوادعي والزبير بن الأروح التميمي إلى يزيد بن معاوية ، وأمر كاتبه عمرو بن نافع أن يكتب إلى يزيد بن معاوية بما كان من مسلم وهانئ ، فكتب إليه كتاباً أطال فيه - وكان أوّل من أطال في الكتب - فلمّا نظر فيه عبيد اللَّه بن زياد كرهه ، وقال : ما هذا التطويل وهذه الفضول؟ اكتب :

1.۵ / ۳۸۰


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
58

على ملائكة اللَّه ورسله ، وهو يقول : اللّهمّ احكم بيننا وبين قوم غرّونا وكذّبونا وأذلّونا ، وأشرف به على موضع الجزّارين اليوم ، فَضُرِبت عُنقُه ، وأتبع جسده رأسه .

قال أبو مخنف : حدّثني الصقعب بن زهير ، عن عون بن أبي جحيفة ، قال : نزل الأحمري بكير بن حمران الذي قتل مسلماً ، فقال له ابن زياد : قَتَلتَهُ؟ قال : نعم ، قال : فما كان يقول وأنتم تصعدون به؟ قال : كان يكبّر ويسبّح ويستغفر ، فلمّا أدنيته لأقتله قال : اللّهمّ احكم بيننا و بين قوم كذّبونا وغرّونا وخَذَلُونا وقَتَلُونا ، فقلت له : ادن منّي ، الحمد للَّه الذي أقادني منك ، فضربته ضربة لم تغنِ شيئاً ، فقال : أما ترى في خدشٍ تخدشنيه وفاء من دمك أيّها العبد؟

فقال ابن زياد : أو فخراً عند الموت؟! قال : ثمّ ضربته الثانية فقتلته .
قال : وقام محمّد بن الأشعث إلى عبيد اللَّه بن زياد فكلّمه في هانئ بن عروة ، وقال : إنّك قد عرفت منزلة هانئ بن عروة في المصر ، وبيته في العشيرة ، وقد علم قومه أنّي وصاحبي سُقناه إليك ، فأنشدك اللَّه لمّا وهبته لي ، فإنّي أكره عداوة قومه ، هم أعزّ أهل المصر ، وعدد أهل اليمن .

قال : فوعده أن يفعل ، فلمّا كان من أمر مسلم بن عقيل ما كان بدا له فيه ، وأبى أن يفي له بما قال .
قال : فأمر بهانئ بن عروة حين قتل مسلم بن عقيل ، فقال : اخرجوا إلى السوق فاضربوا عنقه ، قال : فاُخرج بهانئ حتّى انتهى إلى مكان من ۱السوق كان يباع فيه الغنم وهو مكتوف ، فجعل يقول : وا مذحجاه! ولا مذحج لي اليوم؟! وا مذحجاه ، وأين منّي مذحج؟! فلمّا رأى أنّ أحداً لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف ، ثمّ قال : أما من عصا أو سكّين أو حجر أو عظم يجاحش‏۲ به رجل عن نفسه؟

1.۵ / ۳۷۹

2.يجاحش : يدافع (العين : ج ۳ ص ۶۸ «جحش») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5924
صفحه از 512
پرینت  ارسال به