53
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك ، وقد اُثخِن بالحجارة ، وعجز عن القتال وانبهر ، فأسند ظهره إلى جنب تلك الدار ، فدنا محمّد بن الأشعث فقال : لك الأمان .

فقال : آمنٌ أنا؟ قال : نعم ، وقال القوم : أنت آمن ، غير عمرو بن عبيد اللَّه بن العبّاس السلمى فإنّه قال : لا ناقةَ لي في هذا ولا جمل ، وتنحّى .
و قال ابن عقيل : أما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم . واُتي ببغلة فحمل عليها ، واجتمعوا حوله ، وانتزعوا سيفه من عنقه ، فكأنّه عند ذلك آيس من نفسه ، فدمعت عيناه ، ثمّ قال : هذا أوّل الغدر .
قال محمّد بن الأشعث : أرجو ألّا يكون عليك بأس .
قال : ما هو إلّا الرجاء ، أين أمانكم؟! إِنَّا للَّهِ‏ِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! وبكى .
فقال له عمرو بن عبيد اللَّه بن عبّاس : إنّ مَن يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبكِ!

قال : إنّي واللَّه ما لنفسي أبكي ، ولا لها من القتل أرثي ، وإن كنت لم اُحبّ لها طرفة عين تلفاً ، ولكن أبكي لأهلي المقبلين إليَّ ، أبكي لحسين وآل حسين!

ثمّ أقبل على محمّد بن الأشعث فقال : يا عبداللَّه ، إنّي أراك واللَّه ستعجز عن أماني ، فهل عندك خير؟ تستطيع أن تبعثَ من عندك رجلاً على لساني يبلغ حسيناً ، فإنّي لا أراه إلّا قد خرج إليكم اليوم مقبلاً ، أو هو خرج غداً هو وأهل بيته ، وأنّ ما ترى من جزعي لذلك ، ۱فيقول :

إنّ ابن عقيل بعثني إليك ، وهو في أيدي القوم أسير لا يرى أن تمشي حتّى تُقتل ، وهو يقول : ارجع بأهل بيتك ، ولا يغرّك أهلُ الكوفة ، فإنّهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل ، إنّ أهل الكوفة قد كذّبوك وكذّبوني ، وليس لمكذّب رأي .

1.۵ / ۳۷۵


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
52

من دورنا ، فنخس بالقضيب في جنبه ، ثمّ قال : قم فأتني به الساعة .

قال أبو مخنف : فحدّثني قدامة بن سعيد بن زائدة بن قدامة الثقفي ، إنّ ابن الأشعث حين قام ليأتيه بابن عقيل بعث إلى عمرو بن حريث وهو في المسجد خليفته على الناس ، أن ابعث مع ابن الأشعث ستّين أو سبعين رجلاً كلّهم من قيس - وانّما كره أن يبعث معه قومه؛ لأنّه قد علم أنّ كلّ قوم يكرهون أن يصادف فيهم مثل ابن عقيل - فبعث معه عمرو بن عبيد اللَّه بن عبّاس السلمي في ستّين أو سبعين من قيس ، حتّى أتوا الدار التي فيها ابن عقيل .

فلمّا سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال عرف أنّه قد اُتي ، فخرج إليهم بسيفه ، واقتحموا عليه الدار ، فشدّ عليهم يضربهم بسيفه حتّى أخرجهم من الدار ، ثمّ عادوا إليه ، فشدّ عليهم كذلك ، فاختلف هو وبكير بن حمران الأحمري ضربتين ، فضرب بكير فَمَ مسلم فقطع شفته العليا ، وأشرع السيفُ في السفلى ، ونصلت لها ثنيتاه ، فضربه مسلم ضربة في رأسه منكرة ، وثنّى باُخرى على حبل العاتق كادت تطلع على جوفه .

فلمّا رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق ظهر البيت ، فأخذوا يرمونه بالحجارة ، ويلهبون النار في أطنان القصب ، ثمّ يقلبونها عليه من فوق ۱البيت ، فلمّا رأى ذلك خرج عليهم مصلتاً بسيفه في السكّة فقاتلهم ، فأقبل عليه محمّد بن الأشعث فقال : يا فتى ، لك الأمان ، لا تقتل نفسك ، فأقبل يقاتلهم ، وهو يقول :

أَقسمتُ لا اُقتلُ إلّا حُرَّاو إن رأيتُ الموتَ شيئاً نُكرا
كلّ امرئٍ يوماً ملاقٍ شرّاو يُخلط البارد سُخناً مُرّا
رُدّ شُعاع الشمس فاستقرّاأخافُ أن اُكذبّ أو اُغّرا
فقال له محمّد بن الأشعث : إنّك لا تُكذَب ولا تُخدَع ولا تُغرّ ، إنّ القوم بنو عمّك ،

1.۵ / ۳۷۴

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6093
صفحه از 512
پرینت  ارسال به