قال : أنا مسلم بن عقيل ، كذّبني هؤلاء القوم وغرّوني ، قالت : أنت مسلم؟! قال : نعم ، قالت : ادخل ، فأدخلته بيتاً في دارها غير البيت الذي تكون فيه ، وفرشت له ، وعرضت عليه العشاء فلم يتعشّ ، ولم يكن بأسرع من أن جاء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه ، فقال : واللَّه ، إنّه ۱ليريبني كثرة دخولك هذا البيت منذ الليلة وخروجك منه! إنّ لك لشأناً؟
قالت : يا بنيّ ، إله عن هذا ، قال لها : واللَّه ، لتخبرنّي ، قالت : أقبل على شأنك ولا تسألني عن شيء .
فالحّ عليها ، فقالت : يا بني ، لا تحدّثنّ أحداً من الناس بما اُخبرك به ، وأخذت عليه الأيمان ، فحلف لها ، فأخبرته ، فاضطجع وسكت . وزعموا أنّه قد كان شريداً من الناس ، وقال بعضهم : كان يشرب مع أصحاب له .
و لمّا طال على ابن زياد ، وأخذ لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتاً كما كان يسمعه قبل ذلك قال لأصحابه : أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحداً؟ فأشرفوا فلم يروا أحداً .
قال : فانظروا لعلّهم تحت الظلال قد كَمَنوا لكم ، فَفَرَعوا بَحابحَ۲ المسجد ، وجعلوا يخفضون شعل النار في أيديهم ، ثمّ ينظرون : هل في الظلال أحد؟ وكانت أحياناً تضيء لهم ، وأحياناً لا تضيء لهم كما يريدون ، فدلّوا القناديل وأنصاف الطنان تشَدّ بالحبال ، ثمّ تُجعل فيها النيران ، ثمّ تُدَلّى ، حتّى تنتهي إلى الأرض ، ففعلوا ذلكفي أقصى الظلال وأدناها وأوسطها حتّى فعلوا ذلك بالظلّة التي فيها المنبر .
فلمّا لم يروا شيئاً أعلموا ابن زياد ، ففتح باب السدّة التي في المسجد ، ثمّ خرج فصعد المنبر ، وخرج أصحابه معه ، فأمرهم فجلسوا حوله قبيل العتمة ، وأمر عمرو