51
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

بن نافع فنادى :

ألا برئت الذمّة من رجل من الشرطة والعرفاء أو المناكب أو المقاتلة صلّى العتمة إلّا في المسجد ، فلم يكن له إلّا ساعة حتّى امتلأ المسجد من الناس ، ثمّ أمر مناديه فأقام الصلاة .
فقال الحصين بن تميم : ان شئت صلّيت بالناس ، أو يُصلّي بهم غيرك ، ودخلت أنت فصلّيت في القصر ، فإنّي لا آمن أن يغتالك بعض أعدائك! فقال : مر حرسي فليقوموا ورائي كما كانوا يقفون ، ودُر فيهم فإنّي لست بداخل إذاً ، فصلّى بالناس ، ثمّ قام فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أمّا بعد؛ فإنّ ابن عقيل السفيه الجاهل ، قد أتى ما قد رأيتم من الخلاف والشقاق ، فبرئت ذمّة اللَّه من رجل وجدناه في داره ، ومَن جاء به فله ديته ، اتّقوا اللَّه عبادَ اللَّه ، والزموا طاعتكم وبيعتكم ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً . يا حصين ۱بن تميم ، ثكلتك اُمّك إن صاح بابُ سكّةٍ من سكك الكوفة ، أو خرج هذا الرجل ولم تأتني به! وقد سلّطتك على دور أهل الكوفة ، فابعث مراصدة على أفواه السكك ، وأصبح غداً واستَبرِ الدور وجُسَّ خلالها حتّى تأتيني بهذا الرجل . وكان الحصين على شرطة ، وهو من بني تميم .

ثمّ نزل ابن زياد فدخل وقد عقد لعمرو بن حريث راية وأمره على الناس ، فلمّا أصبح جلس مجلسه وأذن للناس فدخلوا عليه ، وأقبل محمّد بن الأشعث فقال : مرحباً بمن لا يُستَغَشّ ولايتهم! ثمّ أقعده إلى جنبه ، وأصبح ابن تلك العجوز وهو بلال بن أسيد الذي آوت اُمّه ابن عقيل فغدا إلى عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث ، فأخبره بمكان ابن عقيل عند اُمّه ، قال : فأقبل عبد الرحمن حتّى أتى أباه وهو عند ابن زياد ، فسارّه ، فقال له ابن زياد : ما قال لك؟ قال : أخبرني أنّ ابن عقيل في دار

1.۵ / ۳۷۳


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
50

قال : أنا مسلم بن عقيل ، كذّبني هؤلاء القوم وغرّوني ، قالت : أنت مسلم؟! قال : نعم ، قالت : ادخل ، فأدخلته بيتاً في دارها غير البيت الذي تكون فيه ، وفرشت له ، وعرضت عليه العشاء فلم يتعشّ ، ولم يكن بأسرع من أن جاء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه ، فقال : واللَّه ، إنّه ۱ليريبني كثرة دخولك هذا البيت منذ الليلة وخروجك منه! إنّ لك لشأناً؟

قالت : يا بنيّ ، إله عن هذا ، قال لها : واللَّه ، لتخبرنّي ، قالت : أقبل على شأنك ولا تسألني عن شي‏ء .
فالحّ عليها ، فقالت : يا بني ، لا تحدّثنّ أحداً من الناس بما اُخبرك به ، وأخذت عليه الأيمان ، فحلف لها ، فأخبرته ، فاضطجع وسكت . وزعموا أنّه قد كان شريداً من الناس ، وقال بعضهم : كان يشرب مع أصحاب له .
و لمّا طال على ابن زياد ، وأخذ لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتاً كما كان يسمعه قبل ذلك قال لأصحابه : أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحداً؟ فأشرفوا فلم يروا أحداً .

قال : فانظروا لعلّهم تحت الظلال قد كَمَنوا لكم ، فَفَرَعوا بَحابحَ‏۲ المسجد ، وجعلوا يخفضون شعل النار في أيديهم ، ثمّ ينظرون : هل في الظلال أحد؟ وكانت أحياناً تضي‏ء لهم ، وأحياناً لا تضي‏ء لهم كما يريدون ، فدلّوا القناديل وأنصاف الطنان تشَدّ بالحبال ، ثمّ تُجعل فيها النيران ، ثمّ تُدَلّى ، حتّى تنتهي إلى الأرض ، ففعلوا ذلك‏في أقصى الظلال وأدناها وأوسطها حتّى فعلوا ذلك بالظلّة التي فيها المنبر .

فلمّا لم يروا شيئاً أعلموا ابن زياد ، ففتح باب السدّة التي في المسجد ، ثمّ خرج فصعد المنبر ، وخرج أصحابه معه ، فأمرهم فجلسوا حوله قبيل العتمة ، وأمر عمرو

1.۵ / ۳۷۲

2.بحابح : جمع بحبوحة ، بمعني الساحة أو الفناء (اُنظر : مجمع البحرين : ج ۱ ص ۱۱۶ «بحبح)» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6119
صفحه از 512
پرینت  ارسال به