481
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

قال : وجعل الحسين يطلب الماء ، وشمر (لعنه اللَّه) يقول له : واللَّه ، لا ترده أو ترد النار! فقال له رجل : ألا ترى إلى الفرات يا حسين كأنّه بطون الحيّات ، واللَّه ، لا تذوقه أو تموت عطشاً! فقال الحسين : الّلهمّ أمته عطشاً .

قال : واللَّه ، لقد كان هذا الرجل يقول : اسقوني ماء ، فيؤتى بماء ، فيشرب حتّى يخرج من فيه و هو يقول : اسقوني ، قتلني العطش ، فلم يزل كذلك حتّى مات .

قال أبو مخنف : فحدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال : لمّا اشتدّ العطش على الحسين دعا أخاه العبّاس بن عليّ ، فبعثه في ثلاثين راكباً وثلاثين راجلاً ، وبعث معه بعشرين قربة ، فجاءوا حتى دنوا من الماء فاستقدم أمامهم نافع بن هلال الجملي ، فقال له عمرو بن الحجّاج : مَن الرجل؟
قال : نافع بن هلال ، قال : مرحباً بك يا أخي ، ما جاء بك؟ قال : جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه ، قال : اشرب ، قال : لا واللَّه ، لا أشرب منه قطرة والحسين عطشان .

فقال له عمرو : لا سبيل إلى ما أردتم ، إنّما وضعونا بهذا المكان لنمنعكم من الماء ، فلمّا دنا منه أصحابه قال للرجّالة : املئوا قربكم ، فشدّت الرجالة ، فدخلت الشّريعة فملأوا قربهم ، ثمّ خرجوا ، ونازعهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، فحمل عليهم العبّاس بن عليّ ، ونافع بن هلال الجملي جميعاً ، فكشفوه ، ثمّ انصرفوا إلى رحالهم ، وقالوا للرجّالة : انصرفوا . فجاء أصحاب الحسين بالقرب حتّى أدخلوها عليه .

قال المدائني : فحدّثني أبو غسّان ، عن هارون بن سعد ، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة ، قال : ۱رأيت رجلاً من بني أبان بن دارم أسود الوجه ، وكنت أعرفه جميلاً ، شديد البياض ، فقلت له : ما كدت أعرفك ، قال : إنّي قتلت شابّاً أمرد مع الحسين ، بين عينيه أثر السجود ، فما نمت ليلة منذ قتلته إلّا أتاني ، فيأخذ بتلابيبي حتّى يأتي جهنّم فيدفعني فيها ، فأصيح ، فما يبقى أحد في الحيّ إلّا سمع صياحي .

قال : والمقتول العبّاس بن عليّ عليه السلام .

1.۱۱۸


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
480

إليهم ، أرخى الحسين (صلوات اللَّه عليه وسلامه) عينيه فبكى ، ثمّ قال : الّلهمّ كن أنت الشهيد عليهم ، فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فجعل يشدّ عليهم ، ثمّ يرجع إلى أبيه فيقول : يا أباه ، العطش! فيقول له الحسين : اصبر حبيبي ، فإنّك لا تمسي حتّى يسقيك رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله بكأسه ، و جعل يكرّ كرّة بعد كرّة ، حتّى رمى بسهم فوقع في حلقه فخرقه ، وأقبل ينقلب في دمه ، ثمّ نادى : يا أبتاه ، عليك السلام ، هذا جدّي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله يقرئك السلام ، ويقول : عجّل القدوم إلينا ، وشهق شهقة فارق الدنيا .

قال أبو مخنف : فحدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال : أحاطوا بالحسين عليه السلام ، وأقبل غلام من أهله نحوه ، وأخذته زينب بنت عليّ لتحبسه ، فقال لها الحسين : احبسيه ، فأبى الغلام ، فجاء يعدوا إلى الحسين ، فقام إلى جنبه ، وأهوى أبحر بن كعب بالسيف إلى الحسين ، فقال الغلام لأبجر ۱ : يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي؟ فضربه أبجر بالسيف ، واتّقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلد ، وبقيت معلّقة بالجلد ، فنادى الغلام : يا اُمّاه!

فأخذه الحسين فضمّه إليه ، وقال : يا ابن أخي احتسب فيما أصابك الثواب ، فإنّ اللَّه ملحقك بآبائك الصالحين : برسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وحمزة وعليّ وجعفر والحسن عليهم السلام .
قال : وجاء رجل حتّى دخل عسكر الحسين ، فجاء إلى رجل من أصحابه فقال له : إنّ خبر ابنك فلان وافى ، إنّ الديلم أسروه ، فتنصرف معي حتّى نسعى في فدائه ، فقال : حتّى أصنع ماذا؟ عند اللَّه أحتسبه ونفسي .

فقال له الحسين : انصرف وأنت في حلّ من بيعتي ، وأنا أعطيك فداء ابنك .
فقال : ۲هيهات أن اُفارقك ثمّ أسأل الركبان عن خبرك! لا يكون واللَّه هذا أبداً ، ولا اُفارقك ، ثمّ حمل على القوم ، فقاتل حتّى قُتِلَ رحمة اللَّه عليه ورضوانه .

1.اختلف المصادر في ضبطه فقد جاء بالحاء المنقوطة والمهملة .

2.۱۱۷

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5960
صفحه از 512
پرینت  ارسال به