الرقّة والجزع ، فشقّت ثوبها ، ولطمت وجهها ، وخرجت حاسرة تنادي : واثكلاه! واحزناه! ليت الموت أعدمني الحياة ، يا حسيناه! يا سيّداه! يا بقيّة أهل بيتاه! استقلت ويئست من الحياة!! اليوم مات جدّي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، واُمّي فاطمة الزهراء ، وأبي عليّ ، ۱وأخي الحسن! يا بقيّة الماضين ، وثمال الباقين .
فقال لها الحسين : يا اُختي ، لو ترك القطا لنام .
قالت : فإنّما تغتصب نفسك اغتصاباً! فذاك أطول لحزني وأشجى لقلبي ، وخرّت مغشيّاً عليها ، فلم يزل يناشدها ، واحتملها حتّى أدخلها الخباء .
رجع الحديث إلى مقتله صلوات اللَّه عليه :
قال : فوجّه إلى عمر بن سعد (لعنه اللَّه) فقال : ما ذا تريدون منّي؟ إنّي مخيّركم ثلاثاً : بين أن تتركوني ألحق بيزيد ، أو أرجع من حيث جئت ، أو أمضي إلى بعض ثغور المسلمين فاُقيم فيها .
ففرح ابن سعد بذلك ، وظنّ أنّ ابن زياد (لعنه اللَّه) يقبله منه ، فوجّه إليه رسولاً يعلمه ذلك ، ويقول : لو سألك هذا بعض الديلم ولم تقبله ظلمته .
فوجّه إليه ابن زياد : طمعت يا ابن سعد في الراحة ، وركنت إلى دعة ، ناجز الرجل وقاتله ، ولا ترضَ منه إلّا أن ينزل على حكمي .
فقال الحسين : معاذ اللَّه ، أن أنزل على حكم ابن مرجانة أبداً ، فوجّه ابن زياد شمر بن ذي الجوشن الضّبابي (أخزاه اللَّه) إلى ابن سعد (لعنه اللَّه) يستحثّه لمناجزة الحسين .
فلمّا كان في يوم الجمعة لعشر خلون من المحرّم سنة إحدى وستّين ، ناجزه ابن سعد (لعنه اللَّه) فجعل أصحاب الحسين يتقدّمون رجلاً رجلاً يقاتلون حتّى قتلوا .
وقال المدائني : عن العبّاس بن محمّد بن رزين ، عن عليّ بن طلحة ، وعن أبي مخنف ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن حميد بن مسلم؛ وقال عمر بن سعد البصري : عن أبي مخنف ، عن زهير بن عبداللَّه الخثعمي . ۲وحدّثنيه أحمد بن سعيد ،