477
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

الخبر وجّه إليه أن سر إلى الحسين أوّلاً فاقتله ، فإذا قتلته رجعت ومضيت إلى الريّ ، فقال له : أعفني أيّها الأمير .

قال : قد أعفيتك من ذلك ، ومن الريّ .
قال : اتركني أنظر في أمري فتركه ، فلمّا كان من الغد غدا عليه فوجّه معه بالجيوش لقتال الحسين ، فلمّا قاربه وتواقفوا قام الحسين في أصحابه خطيباً فقال :
الّلهمّ إنّك تعلم أنّي لا أعلم أصحاباً خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت ۱خيراً من أهل بيتي ، فجزاكم اللَّه خيراً فقد آزرتم وعاونتم ، والقوم لا يريدون غيري ، ولو قتلوني لم يبتغوا غيري أحداً ، فإذا جنّكم الليل فتفرّقوا في سواده ، وانجوا بأنفسكم .

فقام إليه العبّاس بن عليّ أخوه ، وعليّ ابنه ، وبنو عقيل ، فقالوا له : معاذ اللَّه والشهر الحرام ، فماذا نقول للناس إذا رجعنا إليهم! إنّا تركنا سيّدنا ، وابن سيّدنا وعمادنا! وتركناه غرضاً للنبل ، ودريئة للرماح ، وجزراً للسباع ، وفررنا عنه رغبة في الحياة!! معاذ اللَّه ، بل نحيا بحياتك ، ونموت معك .
فبكى وبكوا عليه ، وجزّاهم خيراً ، ثمّ نزل صلوات اللَّه عليه .

فحدّثني عبداللَّه بن زيدان البجلي ، قال : حدّثنا محمّد بن زيد التميمي ، قال : حدّثنا نصر بن مزاحم ، عن أبي مخنف عن الحرث بن كعب ، عن عليّ بن الحسين ، قال :

إنّي واللَّه لجالس مع أبي في تلك الليلة ، وأنا عليل ، وهو يعالج سهاماً له ، وبين يديه جون مولى أبي ذرّ الغفاري ، إذ ارتجز الحسين :

يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلٍ‏كَم لَكَ في الإِشراقِ والأصيلِ‏
مِن صاحِبٍ وماجدٍ قَتيلِ‏و الدَهرُ لا يَقنَعُ بالبَديلِ‏
و الأَمرُ في ذاكَ إلى الجَليلِ‏و كُلُّ حيٍّ سالِكُ السبيلِ‏

قال : وأمّا أنا فسمعته ورددت عبرتي ، وأمّا عمّتي فسمعته دون النساء فلزمتها

1.۱۱۳


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
476

ومضى حتّى دنا من الحرّ بن يزيد ، فلمّا عاين أصحابه العسكر من بعيد كبّروا ، فقال لهم الحسين : ما هذا التكبير؟ قالوا : رأينا النخل ، فقال بعض أصحابه : ما بهذا الموضع واللَّه نخل ، و لا أحسبكم ترون إلّا هوادي الخيل وأطراف الرماح ، فقال الحسين : وأنا واللَّه أرى ذلك .

فمضوا لوجوههم ، ولحقهم الحرّ بن يزيد في أصحابه ، فقال للحسين : إنّي اُمرت أن اُنزلك في أيّ موضع لقيتك وأجعجع بك ، ولا أتركك أن تزول من مكانك .
قال : إذاً اُقاتلك ، فاحذر أن تشقى بقتلي ، ثكلتك اُمّك!
فقال : أما واللَّه لو غيرك من العرب يقولها وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر اُمّه بالثكل أن أقوله كائناً من كان ، ولكن واللَّه ما لي إلى ذكر اُمّك من سبيل إلّا ۱بأحسن ما يقدر عليه .

و أقبل يسير والحرّ يسايره ويمنعه من الرجوع من حيث جاء ، ويمنع الحسين من دخول الكوفة ، حتّى نزل بأقساس مالك ، وكتب الحرّ إلى عبيد اللَّه يعلمه ذلك .
قال أبو مخنف : فحدّثني عبد الرحمن بن جندب ، عن عتبة بن سمعان الكلبي ، قال : لمّا ارتحلنا من قصر ابن مقاتل ، وسرنا ساعة خفق رأس الحسين خفقة ، ثمّ انتبه فأقبل يقول : إِنَّا لِلَّهِ ، وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، مرّتين .

فأقبل إليه عليّ بن الحسين وهو على فرس فقال له : يا أبي جعلت فداك ، مِمَّ استرجعت؟ وعَلام حمدت اللَّه؟ قال الحسين : يا بنيّ ، إنّه عرض لي فارس على فرس فقال : القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا ، فقال : يا أبتاه ، لا أراك اللَّه سوءاً أبداً ، أ لسنا على الحق؟
قال : بلى والذي يرجع إليه العباد . فقال : يا أبتِ ، فإذاً لا نبالي .
قال : جزاك اللَّه خير ما جزى ولد عن والده .

قال : وكان عبيد اللَّه بن زياد (لعنه اللَّه) قد ولّى عمر بن سعد الرّي ، فلمّا بلغه

1.۱۱۲

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6011
صفحه از 512
پرینت  ارسال به