471
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فأقبل يقاتلهم وهو يقول :

أَقسمتُ لا اُقتَلُ إلّا حُرّاوَ إِن رَأيتُ المَوتَ شيئاً نُكرا
أُخافُ أَن اُكذَب أو اُغرّاأو يخلط البارد سخناً مُرّا
ردَّ شعاع الشَمسِ فاستَقَرّاكلّ امرئ يوماً مُلاقٍ شَرّا
قال له محمّد بن الأشعث : إنّك لا تكذب ولا تغرّ ، إنّ القوم ليسوا بقاتليك ولا ضاربيك ، وقد اُثخن بالجراح وعجز عن القتال؛ فانبهر وأسند ۱ظهره إلى دار بجنب تلك الدار ، فدنا منه محمّد بن الأشعث فقال له : لك الأمان ، فقال له مسلم : آمن أنا؟ قال : نعم أنت آمن ، فقال القوم جميعاً : نعم غير عبيد اللَّه بن العبّاس السلمي؛ لأنّه قال : لا ناقة لي في هذا ولا جمل ، وتنحّى .

فقال ابن عقيل : إنّي واللَّه لو لا أمانكم ما وضعت يدي في أيديكم .
و اُتي ببغلة فحمل عليها فاجتمعوا عليه ، فنزعوا سيفه من عنقه ، فكأنّه آيس من نفسه ، فدمعت عينه ، وعلم أنّ القوم قاتلوه ، وقال : هذا أوّل الغدر!
فقال له محمّد بن الأشعث : أرجوا ألّا يكون عليك بأس .

فقال : ما هو إلّا الرجاء ، فأين أمانكم ، إِنَّا لِلهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! وبكى .
فقال له عبيد اللَّه بن العبّاس السلمي : إنّ مثلك ومن يطلب مثل الذي طلبت إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبكِ!

قال : إنّي واللَّه ما أبكي لنفسي ، ولا لها من القتل أرثي ، وإن كنت لم اُحبّ لها طرفة عين تلفاً ، ولكنّي أبكي لأهلي المقبلين إليَّ ، أبكي للحسين وآل الحسين ، ثمّ أقبل على ابن الأشعث فقال : إنّي واللَّه أظنّك ستعجز عن أماني ، وسأله أن يبعث رسولاً إلى الحسين بن عليّ يعلمه الخبر ، ويسأله الرجوع . فقال له ابن الأشعث : واللَّه ، لأفعلنّ .

قال أبو مخنف : فحدّثني قدامة بن سعد : أنّ مسلم بن عقيل حين انتهي به إلى

1.۱۰۷


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
470

رجل صلّى العتمة إلّا في المسجد ، فاجتمع الناس في ساعة ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :

أمّا بعد؛ فإنّ ابن عقيل السفيه الجاهل قد أتى ما قد رأيتم من الخلاف والشقاق ، فبرئت ذمّة اللَّه من رجل وجد في داره ، ومن جاء به فله ديته ، اتّقوا اللَّه عباد اللَّه ، والزموا طاعتكم ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً . يا حصين بن تميم ، ثكلتك اُمّك إن ضاع شي‏ء من سكك الكوفة أو خرج هذا الرجل ولم تأتني به! وقد سلّطتك على دور أهل الكوفة ، فابعث مراصدة على أفواه السكك ، وأصبح غداً فاستبرء الدور حتّى تأتي بهذا الرجل ، ثمّ نزل .

فلمّا أصبح أذن للناس ، فدخلوا عليه ، وأقبل محمّد بن الأشعث ، فقال : مرحباً بمن لا يتّهم ولا يستغشّ ، وأقعده إلى جنبه .

وأصبح بلال ابن العجوز التي آوت ابن عقيل ، فغدا إلى عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث ، فأخبره بمكان ابن عقيل عند اُمّه ، فأقبل عبد الرحمن حتّى أتى إلى ۱أبيه وهو جالس ، فسارّه ، فقال له ابن زياد : ما قال لك؟ قال : أخبرني أنّ ابن عقيل في دار من دورنا ، فنخسه ابن زياد بالقضيب في جنبه ، ثمّ قال : قم فأتني به الساعة .

قال أبو مخنف : فحدّثني قدامة بن سعد بن زائدة الثقفي : أنّ ابن زياد بعث مع ابن الأشعث ستّين أو سبعين رجلاً كلّهم من قيس ، عليهم عمرو بن عبيد اللَّه بن العبّاس السلمي حتّى أتوا الدار التي فيها ابن عقيل ، فلمّا سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال ، عرف أنّه قد اُتي ، فخرج إليهم بسيفه ، فاقتحموا عليه الدار ، فشدّ عليهم كذلك ، فلمّا رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق السطوح وظهروا فوقه ، فأخذوا يرمونه بالحجارة! ويلهبون النيران في أطنان القصب ، ثمّ يقذفونها عليه من فوق السطوح!

فلمّا رأى ذلك قال : أ كلّما أرى من الإجلاب لقتل ابن عقيل؟ يا نفس ، اخرجي إلى الموت الذي ليس منه محيص ، فخرج رضوان اللَّه عليه مصلتاً سيفه إلى السكّة ، فقاتلهم ، فأقبل عليه محمّد بن الأشعث ، فقال : يا فتى ، لك الأمان ، لا تقتل نفسك .

1.۱۰۶

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6114
صفحه از 512
پرینت  ارسال به