469
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أمسى ابن عقيل وما معه إلّا ثلاثون نفساً ، حتّى صُلِّيَت المغرب فخرج متوجّهاً نحو أبواب كندة ، فما بلغ الأبواب إلّا ومعه منها عشر ، ثمّ خرج من الباب فإذا ليس معه منهم إنسان ، فمضى متلدّداً في أزقّة الكوفة ، لا يدري أين يذهب؟ حتّى خرج إلى دور بني بجيلة من كندة ، فمضى حتّى أتى باب امرأة يقال لها : طوعة اُمّ ولد كانت للأشعث وأعتقها ، فتزوّج بها أسيد الحضرمي ، فولدت له بلالاً ، وكان بلال قد خرج مع الناس ، واُمّه قائمة تنتظر ، فسلّم عليها ابن عقيل ، فردّت السلام ، فقال لها : اسقيني ماء .

فدخلت فأخرجت إليه ، فشرب ، ثمّ أدخلت الإناء ، وخرجت وهو جالس في مكانه ، فقالت : ألم تشرب؟ قال : بلى .
قالت : فاذهب إلى أهلك ، فسكت ، فأعادت عليه ثلاثاً ، ثمّ قالت : سبحان اللَّه! يا عبداللَّه ، قم إلى أهلك عافاك اللَّه فإنّه لا يصلح لك الجلوس على بابي ولا اُحلّه لك .

ثمّ قام ، فقال : يا أمة اللَّه ، واللَّه ، ما لي في هذا المصر من أهل ، فهل لك في معروف وأجر لعلّي اُكافئك به بعد ۱اليوم .

قالت : يا عبداللَّه وما ذاك؟ قال : أنا مسلم بن عقيل ، كذّبني هؤلاء القوم ، وغرّوني وخذلوني ، قالت : أنت مسلم؟ قال : نعم .
قالت : ادخل ، فأدخلته بيتاً في دارها ، وفرشت له ، وعرضت عليه العشاء ، وجاء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت ، فسألها ، فقالت : يا بنيّ ، أله عن هذا ، قال : واللَّه ، لتخبرنّني ، وألحّ عليها ، فقالت : يا بنيّ ، لا تخبر به أحداً من الناس ، وأخذت عليه الأيمان ، فحلف لها ، فأخبرته ، فاضطجع وسكت .

فلمّا طال على ابن زياد ، ولم يسمع أصوات أصحاب ابن عقيل قال لأصحابه : أشرفوا فانظروا ، فأخذوا ينظرون ، وأدلوا القناديل وأطنان القصب تشدّ بالحبال وتدلي وتلهب فيها النار ، حتّى فعل ذلك بالأظلّة التي في المسجد كلّها ، فلمّا لم يروا شيئا أعلموا ابن زياد ففتح باب السدّة ، وخرج ونادى في الناس : برئت الذمّة من

1.۱۰۵


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
468

فأخبرته الخبر ، فأمرني أن اُنادي في أصحابي ، وقد ملأ الدور منهم حواليه ، فقال : ناد (يا منصور أمت) فخرجت فناديت ، وتبادر أهل الكوفة فاجتمعوا إليه ، فعقد لعبد الرحمن بن عزيز الكندي على ربيعة ، وقال له : سر أمامي وقدّمه في الخيل ، وعقد لمسلم بن عوسجة على مذحج وأسد ، وقال له : انزل فأنت على الرجّالة ، وعقد لأبي ثمامة الصائدي على تميم وحمدان .

و عقد للعبّاس بن جعدة الجدلي على أهل المدينة ، ثمّ أقبل نحو القصر .
فلمّا بلغ عبيد اللَّه إقباله تحرّز في القصر ، وغلّق الأبواب ، وأقبل مسلم حتّى أحاط بالقصر ، فو اللَّه ، ما لبثنا إلّا قليلاً حتّى امتلأ المسجد من الناس ، والسوق ، ما زالوا يتوثّبون حتّى المساء ، فضاق بعبيد اللَّه أمره ، ودعا بعبيد اللَّه بن كثير بن شهاب الحارثي ، وأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج ، فيخذّل الناس عن ابن عقيل ، ويخوّفهم الحرب ، وعقوبة السلطان ، فأقبل أهل الكوفة يفترون على ابن زياد وأبيه .

قال أبو مخنف : فحدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن عبداللَّه بن حازم البكري ، قال :
أشرف علينا الأشراف ، وكان أوّل من تكلّم كثير بن شهاب ، فقال : أيّها الناس ، الحقوا بأهاليكم ، ولا تعجلوا ، انتشروا ولا تعرّضوا أنفسكم للقتل ، فهذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت ، وقد أعطى اللَّهَ الأميرُ عهداً لئن أتممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيّتكم هذه ، أن يحرم ذرّيتكم العطاء ، ويفرّق مقاتليكم في مغازي الشام على غير طمع ، ويأخذ البري‏ء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، حتّى لا يبقى فيكم بقيّة من أهل المعصية إلّا أذاقها وبال ما جنت .

و تكلّم الأشراف بنحو من كلام كثير ، فلمّا سمع الناس مقالتهم تفرّقوا .

قال أبو مخنف : حدّثني المجالد بن سعيد : أنّ المرأة كانت تأتي ابنها وأخاها فتقول : انصرف ، الناس يكفونك ، ويجي‏ء الرجل إلى ابنه وأخيه فيقول : غدا يأتيك أهل الشام ، فما تصنع بالحرب والشرّ؟ انصرف ، فما زالوا يتفرّقون وينصرفون حتّى

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6140
صفحه از 512
پرینت  ارسال به