467
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فحديث حدّثنيه الناس عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله : أنّ الإيمان قيّد الفتك ، فلا يفتك مؤمن .

فقال له شريك : أما واللَّه ، لو قتلته لقتلتَ فاسقاً فاجراً ، كافراً غادراً .
قال : فأقبل ذلك الرجل الذي وجّهه عبيد اللَّه بالمال يختلف إليهم ، فهو أوّل داخل وآخر خارج يسمع أخبارهم ، ويعلم أسرارهم ، وينطلق بها حتّى يقرّها في اُذن ابن زياد .

قال : فقال المدائني ، عن أبي مخنف ، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق ، عن عثمان بن أبي زرعة ، قال : فقال ابن زياد يوماً : ما يمنع هانئاً منّا؟ فلقيه ابن الأشعث ، وأسماء بن خارجة ، فقالا له : ما يمنعك من إتيان الأمير وقد ذكرك؟ قال : فأتاه فقال ابن زياد (لعنه اللَّه) شعراً :

اُريد حَياتَه ويُريدُ قَتلي‏عَذيركَ مِن خَليلِكَ مِن مُرادِ
يا هانى‏ء، أسلمت على ابن عقيل؟ قال: ما فعلت ، فدعا معقلاً فقال : أتعرف هذا؟ قال : نعم وأصدقك ما علمت به حتّى رأيته في داري ، وأنا أطلب إليه أن يتحوّل .

قال : لا تفارقني حتّى تأتيني به! فأغلظ له ، فضرب وجهه بالقضيب وحبسه .
و قال عمر بن سعد : عن أبي مخنف ، قال : حدّثني الحجّاج بن عليّ الهمداني ، قال : لمّا ضرب عبيد اللَّه هانئاً وحبسه، خشي أن يثب الناس به ، فخرج فصعد المنبر ومعه۱ اُناس من أشراف الناس وشرطه وحشمه ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :

أيّها الناس ، اعتصموا بطاعة اللَّه وطاعة أئمّتكم ، ولا تفرّقوا فتختلفوا وتهلكوا وتذلّوا ، وتخافوا وتخرجوا ، فإنّ أخاك من صدقك ، وقد أعذر من أنذر .
فذهب لينزل ، فما نزل حتّى دخلت النظّارة المسجد من قبل التمّارين يشتدّون ، ويقولون : قد جاء ابن عقيل ، فدخل عبيد اللَّه القصر وأغلق بابه .

وقال أبو مخنف : فحدّثني يوسف بن يزيد ، عن عبداللَّه بن حازم ۲البكري ، قال : أنا واللَّه رسول ابن عقيل إلى القصر في أثر هانى‏ء لأنظر ما صار إليه أمره ، فدخلت

1.‏۱۰۳

2.۱۰۴


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
466

وتدلّني على صاحبي فاُبايعه .

فقال له : أحمد اللَّه على لقائك فقد سرّني حبّك إيّاهم وبنصرة اللَّه إيّاك حقّ أهل بيت نبيّه صلى اللّه عليه و آله ، ولقد ساءني معرفة الناس إيّاي بهذا الأمر قبل أن يتمّ؛ مخافة سطوة هذا الطاغية الجبّار أن يأخذ البيعة قبل أن يبرح ، وأخذ عليه المواثيق الغليظة ليناصحنّ وليكتمنّ ، فأعطاه من ذلك ما رضي به . ثمّ قال له : اختلف إليَّ أياماً في منزلي، فأنا أطلب لك الإذن على صاحبك ، وأخذ يختلف مع الناس يطلب ذلك إليه .

ومرض شريك بن الأعور ، وكان كريماً على ابن زياد ، وكان شديد التشيّع ، فأرسل إليه عبيد اللَّه : إنّي رائح إليك العشيّة فعائدك .
فقال شريك لمسلم : إنّ هذا الفاجر عائدي العشية ، فإذا جلس فاقتله ، ثمّ اقعد في القصر ، وليس أحد يحول بينك وبينه ، فإن أنا برأت من وجعي من أيّامي هذه سرت إلى البصرة وكفيتك أمرها .

فلمّا كان العشي أقبل ابن زياد لعيادة شريك بن الأعور ، فقال لمسلم : لا يفوتنّك الرّجل إذا جلس ، فقام إليه هانى‏ء فقال : إنّي لا اُحبّ أن يقتل في داري ، كأنّه استقبح ذلك ، فجاءه عبيد اللَّه بن زياد فدخل وجلس وسأل شريكاً : ما الذي تجد ومتى اشتكيت؟ فلمّا طال سؤاله إيّاه ، ورأى أنّ أحداً لا يخرج ، خشي أن يفوته ، فأقبل يقول :

ما الإِنتظارُ بِسَلمى أَن تُحيّوهاحَيّوا سُلَيمى وحَيّوا مَن يُحيّيها
كَأسَ المَنيّةِ بالتَعجيلِ فاسقوها
للَّه أبوك! اسقنيها وإن كانت فيها نفسي . قال ذلك مرّتين أو ثلاثة ، فقال ۱عبيد اللَّه وهو لا يفطن : ما شأنه ، أترونه يهجر؟ فقال له هانى‏ء : نعم - أصلحك اللَّه - ما زال هكذا قبل غيابة الشمس إلى ساعتك هذه .

ثمّ قام وانصرف . فخرج مسلم فقال له شريك : ما منعك من قتله؟
فقال : خصلتان ، أمّا إحداهما : فكراهية هانى‏ء أن يقتل في داره ، وأما الاُخرى :

1.۱۰۲

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6156
صفحه از 512
پرینت  ارسال به