قال : فأنشُدكُم اللَّه ، هل تعلمون أنّ عليّاً كان أوّلهم إسلاماً ، وأعلمهم علماً ، وأعظمهم حلماً ، وأنّه وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة؟ قالوا : الّلهمّ نعم .
قال : فَبِمَ تستحلّون دمي ، وأبي الذائد عن الحوض غداً ، يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادي عن الماء ، ولواء الحمد في يدي جدّي يوم القيامة؟!
قالوا : قد علمنا ذلك كلّه ، ونحن غير تاركيك حتّى تذوق الموت عطشاً .
فأخذ الحسين عليه السلام بطرف لحيته ، وهو يومئذ ابن سبع وخمسين سنة ، ثمّ قال : اشتدّ غضب اللَّه على اليهود حين قالوا : عزير ابن اللَّه ، واشتدّ غضب اللَّه على النصارى حين قالوا : المسيح ابن اللَّه ، واشتدّ غضب اللَّه على المجوس حين عبدوا النار من دون اللَّه ، واشتدّ غضب اللَّه على قوم قتلوا نبيّهم ، واشتدّ غضب اللَّه على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيّهم .
قال : فضرب الحرّ بن يزيد فرسه ، وجاز عسكر عمر بن سعد (لعنه اللَّه) إلى عسكر الحسين عليه السلام ، واضعاً يده على رأسه ، وهو يقول : الّلهمّ إليك اُنيب فَتُب عليَّ ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيّك . يا بن رسول اللَّه ، هل لي من توبة؟ قال : نعم ، تاب اللَّه عليك . قال : يا بن رسول اللَّه ، أتأذن لي فاُقاتل عنك؟ فأذن له ، فبرز وهو يقول :
أَضرِبُ في أعناقِكُم بالسيفِعن خيرِ مَن حَلَّ بلادَ الخيفِ
فقتل منهم ثمانية عشر رجلاً ، ثمّ قُتِلَ ، فأتاه الحسين عليه السلام ودمه يشخب ، فقال : بخ بخ يا حرّ ، أنت حرّ كما سمّيت في الدنيا والآخرة ، ثمّ أنشأ الحسين عليه السلام يقول :
۱لنعِمَ الحُرّ حُرّ بَني رِياحِونِعمَ الحرّ مختلف الرماح
وَنِعمَ الحرّ إذ نادى حُسَيناًفَجادَ بِنَفسِهِ عندَ الصَباح .
ثمّ برز من بعده زهير بن القين البجلي ، وهو يقول مخاطباَ للحسين عليه السلام :
اليومَ نَلقَى جَدَّك النبيّاوَحَسناً والمرتضى عليّاً