439
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

واغتسلوا ، واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم .
ثمّ صلّى بهم الفجر وعبّأهم تعبئة الحرب ، وأمر بحفيرته التي حول عسكره فاُضرمت بالنار ، ليقاتل القوم من وجه واحد .
وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له ، يقال له : ابن أبي جويرية المزني ، فلمّا نظر إلى النار تتّقد صفق بيده ، ونادى : يا حسين وأصحاب حسين ، أبشروا بالنار ، فقد تعجّلتموها في الدنيا! فقال الحسين عليه السلام : مَن الرجل؟ فقيل : ابن أبي جويرية المزني ، فقال الحسين عليه السلام : الّلهمّ أذقه عذاب النار في الدنيا ، فنفر به فرسه وألقاه في تلك النار فاحترق .
ثمّ برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر ، يقال له : تميم بن حصين الفزاري ، فنادى : يا حسين ويا أصحاب حسين ، أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنّه بطون الحيّات؟ واللَّه ، لا ذقتم منه قطرة حتّى تذوقوا الموت جرعاً .
فقال الحسين عليه السلام : مَن الرجل؟ فقيل : تميم بن حصين . فقال الحسين عليه السلام : هذا وأبوه من أهل النار ، الّلهمّ اقتل هذا عطشاً في هذا اليوم . قال : فخنقه العطش حتّى سقط عن فرسه ، فوطئته الخيل بسنابكها فمات .
ثمّ أقبل رجل آخر من عسكر عمر بن سعد ، يقال له : محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي ، فقال : يا حسين بن فاطمة ، أيّة حرمة لك من رسول اللَّه ليست لغيرك؟ فتلا الحسين عليه السلام هذه الآية : «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى‏ ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ ۱عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» الآية ، ثمّ قال : واللَّه ، إنّ محمّداً لمن آل إبراهيم ، وإنّ العترة الهادية لمن آل محمد ، مَن الرجل؟ فقيل : محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي ، فرفع الحسين عليه السلام رأسه إلى السماء ، فقال : الّلهمّ أر محمّد بن الأشعث ذلاًّ في هذا اليوم ، لا تعزّه بعد هذا اليوم أبداً . فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرّز ، فسلّط اللَّه عليه عقرباً فلدغته ، فمات بادي العورة .
فبلغ العطش من الحسين عليه السلام وأصحابه ، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له :

1.۲۱۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
438

حسيناً وأصحابه يومهم وليلتهم ، فشقّ ذلك على الحسين عليه السلام وعلى أصحابه ، فقام الحسين عليه السلام في أصحابه خطيباً ، فقال :
الّلهمّ إنّي لا أعرف أهل بيت أبرّ ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي ، ولا أصحاباً هم خير من أصحابي ، وقد نزل بي ما قد ترون ، وأنتم في حلّ من بيعتي ، ليست لي في أعناقكم بيعة ، ولا لي عليكم ذمّة ، وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ، وتفرّقوا في سواده ، فإنّ القوم إنّما يطلبونني ، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري .
فقام إليه عبداللَّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، فقال : يا بن رسول اللَّه ، ماذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيّدنا وابن سيّد الأعمام ، وابن نبيّنا سيّد الأنبياء ، لم نضرب معه بسيف ، ولم نقاتل معه برمح؟! لا واللَّه ، أو نرد موردك ، ونجعل أنفسنا دون نفسك ، ودماءنا دون دمك ، فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا وخرجنا ممّا لزمنا .
وقام إليه رجل يقال له : زهير بن القين البجلي ، فقال : يا بن رسول اللَّه ، وددت أنّي قتلت ثمّ نشرت ، ثمّ قتلت ثمّ نشرت ، ثمّ قتلت ثمّ نشرت فيك وفي الذين معك مئة قتلة ، وأنّ اللَّه دفع بي عنكم أهل البيت .
فقال له ولأصحابه : جزيتم خيراً .
ثمّ إن الحسين عليه السلام أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق ، وأمر ۱فحشيت حطباً ، وأرسل عليّا ابنه عليه السلام في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ليستقوا الماء ، وهم على وجل شديد ، وأنشأ الحسين عليه السلام يقول :

يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ‏كَم لَكَ في الإشراقِ وَالأَصيلِ‏
مِن طالبٍ وَصاحِبٍ قَتيلِ‏والدَهرُ لا يَقنعُ بالبَديلِ‏
وإنّما الأمرُ إِلى الجَليلِ‏وكُلّ حَيٍّ سالِكٌ سبيلي‏
ثمّ قال لأصحابه : قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم ، وتوضّؤوا

1.۲۱۵

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6123
صفحه از 512
پرینت  ارسال به