437
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

هذا الفسطاط؟ فقيل : لعبيد اللَّه بن الحرّ الجعفي ، فأرسل إليه الحسين عليه السلام فقال : أيّها الرجل ، إنّك مذنب خاطئ وإنّ اللَّه عزّ و جلّ آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى اللَّه تبارك وتعالى في ساعتك هذه ، فتنصرني ويكون جدّي شفيعك بين يدي اللَّه تبارك وتعالى .
فقال : يا بن رسول اللَّه ، واللَّه ، لو نصرتك لكنت أوّل مقتول بين يديك ، ولكن هذا فرسي خذه إليك ، فواللَّه ، ما ركبته قطّ وأنا أروم شيئاً إلّا بلغته ، ولا أرادني أحد إلّا نجوت عليه ، فدونك فخذه .
فأعرض عنه الحسين عليه السلام بوجهه ، ثمّ قال : لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك ، «وَ مَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا» ، ولكن فرّ ، فلا لنا ولا علينا ، فإنّه من سمع واعيتنا أهل البيت ثمّ لم يجبنا ، كبّه اللَّه على وجهه في نار جهنّم .
ثمّ سار حتّى نزل كربلاء ، فقال : أيّ موضع هذا؟ فقيل : هذا كربلاء يا بن رسول اللَّه . فقال : هذا واللَّه يوم كرب وبلاء ، وهذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا ، ويباح فيه حريمنا .
فأقبل عبيد اللَّه بن زياد بعسكره حتّى عسكر بالنخيلة ، وبعث إلى الحسين عليه السلام رجلاً يقال له : عمر بن سعد ، قائده في أربعة آلاف فارس ، وأقبل عبداللَّه بن الحصين التميمي في ألف فارس ، يتبعه شبث بن ربعي في ألف فارس ، ۱ومحمّد بن الأشعث بن قيس الكندي أيضا في ألف فارس ، وكتب لعمر بن سعد على الناس ، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوه .
فبلغ عبيد اللَّه بن زياد أنّ عمر بن سعد يسامر الحسين عليه السلام ويحدّثه ويكره قتاله ، فوجّه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس ، وكتب إلى عمر بن سعد : إذا أتاك كتابي هذا ، فلا تمهلنَّ الحسين بن عليّ ، وخذ بكظمه ، وحل بين الماء وبينه ، كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار .
فلمّا وصل الكتاب إلى عمر بن سعد (لعنه اللَّه) ، أمر مناديه فنادى : إنّا قد أجلّنا

1.۲۱۴


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
436

لي في منامي عارض فقال : تسرعون السير ، والمنايا تسير بكم إلى الجنّة .
ثمّ سار حتّى نزل الرهيمة ، فورد عليه رجل من أهل الكوفة ، يكنّى أبا هرم ، فقال : يا بن النبيّ ، ما الذي أخرجك‏من المدينة؟ فقال : ويحك يا أبا هرم ، شتموا عرضي فصبرت! وطلبوا مالي فصبرت! وطلبوا دمي فهربت . وأيم اللَّه ، ليقتلنّي ، ثمّ ليلبسنّهم اللَّه ذلاًّ شاملاً ، وسيفاً قاطعاً ، وليسلطنّ عليهم مَن يذلّهم .
قال : وبلغ عبيد اللَّه بن زياد (لعنه اللَّه) الخبر ، وأنّ الحسين عليه السلام قد نزل الرهيمة ، فأسرى إليه الحرّ بن يزيد في ألف فارس . قال الحرّ : فلمّا خرجت من منزلي متوجّهاً نحو الحسين عليه السلام نوديت ثلاثاً : يا حرّ أبشر بالجنّة ، فالتفتّ فلم أَرَ أحداً ، فقلت : ثَكَلَت الحرّ اُمّه ، يخرج إلى قتال ابن رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ويُبَشَّرَ بالجنّة؟! فرهقه‏۱ عند صلاة الظهر ، فأمر الحسين عليه السلام ابنه ، فأذّن وأقام ، وقام الحسين عليه السلام فصلّى بالفريقين جميعاً .
فلمّا سلّم وَثَبَ الحرّ بن يزيد فقال : السلام عليك يا بن رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته ، فقال الحسين عليه السلام : وعليك السلام ، من أنت يا عبداللَّه؟ فقال : أنا الحرّ بن يزيد . فقال : يا حرّ ، أعلينا أم لنا؟ فقال الحرّ : واللَّه يا بن رسول اللَّه ، لقد بعثت لقتالك ، وأعوذ باللَّه أن اُحشر من قبري وناصيتي مشدودة إليَّ ، ويدي ۲مغلولة إلى عنقي ، واُكبّ على حرّ وجهي في النار ، يا بن رسول اللَّه ، أين تذهب؟ ارجع إلى حرم جدّك ، فإنّك مقتول ، فقال الحسين عليه السلام :

سَأمضي فَما بالموتِ عارٌ على الفَتى‏إذا ما نَوى حَقّاً وجاهدَ مُسلما
وواسى الرجالَ الصالحينَ بنفسِهِ‏وفارَقَ مثبوراً وخالفَ مجرما
فإن متّ لم أَندم وإن عشت لم اُلَم‏كفى بكَ ذلاًّ أن تموتَ وتُرغَما
ثمّ سار الحسين عليه السلام حتّى نزل القطقطانة ، فنظر إلى فسطاط مضروب ، فقال : لمن

1.رَهَقَه : تبعه فقرب أن يلحقه (العين : ج ۳ ص ۳۶۶ «رهق») .

2.۲۱۳

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6157
صفحه از 512
پرینت  ارسال به