435
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فأطال ، فنعس وهو ساجد ، فجاءه النبيّ صلى اللّه عليه و آله وهو في منامه ، فأخذ الحسين عليه السلام وضمّه إلى صدره ، وجعل يقبّل بين عينيه ، ويقول : بأبي أنت ، كأنّي أراك مرمّلاً بدمك بين عصابة من هذه الاُمّة ، يرجون شفاعتي ، مالهم عند اللَّه من خلاق ، يا بنيّ ، إنّك قادم على أبيك واُمّك وأخيك ، وهم مشتاقون إليك ، وإنّ لك في الجنّة درجات لا تنالها إلّا بالشهادة .
فانتبه الحسين عليه السلام من نومه باكياً ، فأتى أهل بيته ، فأخبرهم بالرؤيا وودّعهم ، وحمل أخواته على المحامل وابنته وابن أخيه القاسم بن الحسن بن عليّ عليهم السلام ، ثمّ سار في أحد وعشرين رجلاً من أصحابه وأهل بيته ، منهم : أبو بكر بن عليّ ، ومحمّد بن عليّ ، وعثمان بن عليّ ، والعبّاس بن عليّ ، وعبداللَّه بن مسلم بن عقيل ، وعليّ بن الحسين الأكبر ، وعليّ بن الحسين الأصغر .
وسمع عبداللَّه بن عمر بخروجه ، فقدّم راحلته ، وخرج خلفه مسرعاً ، فأدركه في بعض المنازل ، فقال : أين تريد يا بن رسول اللَّه؟ قال : العراق ، قال : مهلاً ارجع إلى حرم جدّك . فأبى الحسين عليه السلام عليه ، فلمّا رأى ابن عمر إباءه قال : يا أبا عبداللَّه ، اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله يقبّله منك ، فكشف الحسين عليه السلام عن سرّته ، فقبّلها ابن عمر ثلاثاً وبكى ، وقال : أستودعك اللَّه يا أبا عبداللَّه ، فإنّك مقتول في وجهك هذا .
فسار الحسين عليه السلام وأصحابه ، فلمّا نزلوا الثعلبية ورد عليه رجل يقال له : بشر بن غالب ، فقال : يا بن رسول اللَّه ، أخبرني عن قول اللَّه عزّ و جلّ : «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَمِهِمْ» .
قال : إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنّة ، وهؤلاء في النار ، وهو قوله عزّ و جلّ : «فَرِيقٌ فِى الْجَنَّةِ ۱وَ فَرِيقٌ فِى السَّعِيرِ» .
ثمّ سار حتّى نزل العذيب ، فقال فيها قائلة الظهيرة ، ثمّ انتبه من نومه باكياً ، فقال له ابنه : ما يبكيك يا أبه؟ فقال : يا بنيّ ، إنّها ساعة لا تكذب الرؤيا فيها ، وإنّه عرض

1.۲۱۲


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
434

وأمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول اللَّه ، وهو من لحم رسول اللَّه ودمه ، وقد علمت لا محالة أنّ أهل العراق سيخرجونه إليهم ، ثمّ يخذلونه ويضيّعونه ، فإن ظفرت به فاعرف حقّه ومنزلته من رسول اللَّه ، ولا تؤاخذه بفعله ، ومع ذلك فإنّ لنا به خلطة ورحماً ، وإيّاك أن تناله بسوء ، أو يرى منك مكروهاً .
قال : فلمّا هلك معاوية ، وتولّى الأمر بعده يزيد (لعنه اللَّه) ، بعث عامله على مدينة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، وهو عمّه عتبة بن أبي سفيان ، فقدّم المدينة وعليها مروان بن الحكم ، وكان عامل معاوية ، فأقامه عتبة من مكانه وجلس فيه ، لينفّذ فيه أمر يزيد ، فهرب مروان فلم يقدر عليه ، وبعث عتبة إلى الحسين بن عليّ عليهما السلام ، فقال : إنّ أمير المؤمنين أمرك أن تبايع له .
فقال الحسين عليه السلام : يا عتبة ، قد علمت أنّا أهل بيت الكرامة ، ومعدن الرسالة ، وأعلام الحقّ الذي أودعه اللَّه عزّ و جلّ قلوبنا ، وأنطق به ألسنتنا ، فنطقت بإذن اللَّه عزّ و جلّ ، ولقد سمعت جدّي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله يقول : إنّ الخلافة محرّمة على ولد أبي سفيان ، وكيف اُبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله هذا؟!
فلمّا سمع عتبة ذلك دعا الكاتب وكتب :
بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، إلى عبداللَّه يزيد أمير المؤمنين ، من عتبة بن أبي سفيان ، أمّا بعد؛ فإنّ الحسين بن عليّ ليس يرى لك خلافة ولا بيعة ، فرأيك في أمره والسلام .
فلمّا ورد الكتاب على يزيد (لعنه اللَّه) كتب الجواب إلى عتبة : أمّا بعد؛ فإذا أتاك كتابي هذا فعجّل عليَّ بجوابه وبيّن لي في كتابك كلّ مَن في طاعتي ، أو خرج عنها ، وليكن مع الجواب رأس الحسين بن عليّ .
فبلغ ذلك الحسين عليه السلام ، فهمّ بالخروج من أرض الحجاز إلى أرض العراق ، فلمّا أقبل الليل راح إلى مسجد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ليودّع القبر ، فلمّا وصل إلى القبر ۱سطع له نور من القبر فعاد إلى موضعه ، فلمّا كانت الليلة الثانية راح ليودّع القبر ، فقام يصلّي‏

1.۲۱۱

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6187
صفحه از 512
پرینت  ارسال به