قالت : إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظّارة ، وتقدّم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحّونا عنّا ، فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في هذه الحال!
فأمر في جواب سؤالها : أن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغياً منه وكفراً وسلك بهم بين النظّارة على تلك الصفة ، حتّى أتى بهم إلى باب دمشق ، فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي .
وروي أنّ بعض التابعين لمّا شاهد رأس الحسين عليه السلام بالشام أخفى نفسه شهراً من جميع أصحابه ، فلمّا وجدوه بعد إذ فقدوه سألوه عن سبب ذلك ، فقال : ۱ألا ترون ما نزل بنا ، ثمّ أنشأ يقول :
جاؤوا بِرَأسِكَ يا بنَ بِنتَ مُحَمَّدٍمُتَزَمِّلاً بِدِمائِهِ تَزميلا
وَكَأَنَّما بِكَ يا بن بِنتِ مُحَمَّدٍقَتَلوا جِهاراً عامِدِينَ رَسولا
قَتَلوكَ عُطشاناً وَلَمّا يَرقَبوافي قَتلِكَ التَنزيلَ والتَأويلا
وَيُكَبِّرون بَأَن قُتلتَ وإِنِّماقَتَلوا بِكَ التَكبيرَ والتَهليلا
قال الراوي : جاء شيخ ، فدنا من نساء الحسين عليه السلام وعياله وهم في ذلك الموضع وقال : الحمد للَّه الذي قتلكم وأهلككم ، وأراح البلاد من رجالكم ، وأمكن أمير المؤمنين منكم!!!
فقال له عليّ بن الحسين عليه السلام : يا شيخ ، هل قرأت القرآن؟ قال نعم .
قال : فهل عرفت هذه الآية : «قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى»؟ قال الشيخ : قد قرأت ذلك .
فقال له عليّ عليه السلام : نحن القربى يا شيخ ، فهل قرأت في بني إسرائيل : ۲«وَ ءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ»؟ فقال الشيخ : قد قرأت ذلك .
فقال : فنحن القربى يا شيخ ، فهل قرأت هذه الآية : «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن