395
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

لمّا يندمل ، قتل أبي صلوات اللَّه عليه بالأمس وأهل بيته معه ، ولم ينسني ثكلُ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وثكلُ أبي وبني أبي ، ووجده بين لهواتي ، ومرارته بين حناجري وحلقي ، وغصصه تجري في فراش صدري ، ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا .

ثمّ قال :

لا غَرو إن قُتِلَ الحُسَينُ وشَيخُهُ‏قَد كانَ خَيراً مِن حُسَينٍ وأكرَما
فَلا تَفرَحوا يا أَهلَ كوفانَ بالذي‏أَصابَ حُسَيناً كانَ ذَلِكَ أَعظَما
قَتيلٌ بِشَطِّ النَهرِ روحي فِداؤُهُ‏جَزاءُ الذي أرداه نارُ جَهَنَّما
ثمّ قال عليه السلام : رضينا منكم رأساً برأس ، فلا يوم لنا ولا علينا .
قال الراوي : ثمّ إنّ ابن زياد جلس في القصر ، وأذن إذناً عامّاً ، وجي‏ء برأس الحسين عليه السلام فوضع بين يديه ، وأدخل نساء الحسين وصبيانه إليه ، ۱فجلست زينب ابنة عليٍّ متنكّرة ، فسأل عنها ، فقيل : هذه زينب ابنة عليّ .

فأقبل عليها وقال : الحمد للَّه الذي فضحكم وأكذب اُحدوثتكم!!! فقالت : إنّما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا .
فقال ابن زياد : كيف رأيتِ صنع اللَّه بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت : ما رأيت إلا جميلاً ، هؤلاء قوم كتب اللَّه عليهم القتل ، فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع اللَّه بينك وبينهم ، فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج يومئذ ، هبلتك اُمّك يابن مرجانة .

قال الراوي : فغضب وكأنه همّ بها ، فقال له عمرو بن حريث : أيّها الأمير ، إنّها امرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشي‏ء من منطقها .
فقال لها ابن زياد : لقد شفى اللَّه قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك!!!

فقالت : لعمري ، لقد قتلت كهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي ، فإن كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت .

1.۲۰۰


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
394

ثمّ إنّ زين العابدين عليه السلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا ، فسكتوا ، فقام قائماً ، فحمد اللَّه وأثنى عليه وذكر النبيّ بما هو أهله فصلّى عليه ، ثمّ قال :
أيّها الناس ، مَن عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا اُعرّفه بنفسي : أنا عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات من غير ذَحلٍ ولا تِرات ، أنا ابن مَن انتُهك حريمُه وسُلب نعيمُه وانتُهب مالُه ، وسُبي عيالُه ، أنا ابن من قُتِلَ صبراً ، وكفى بذلك فخراً .

أيّها الناس ، ناشدتكم اللَّه ، هل تعلمون أنّكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه؟! فتباًّ لما قدّمتم لأنفسكم ، وسوءاً لرأيكم ، بأيّة عين تنظرون إلى رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله إذ يقول لكم : قَتَلتُم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من اُمّتي؟!

قال الراوي : فارتفعت أصوات الناس من كلّ ناحية ، ويقول بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون .
فقال : رحم اللَّه أمرءاً قبل نصيحتي وحفظ وصيّتي في اللَّه وفي رسوله وأهل ۱بيته ، فإنّ لنا في رسول اللَّه اُسوة حسنة .

فقالوا بأجمعهم : نحن كلّنا يابن رسول اللَّه سامعون مطيعون ، حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ، ولا راغبين عنك ، فأمرنا بأمرك يرحمك اللَّه ، فإنّا حرب لحربك وسلم لسلمك ، لنأخذنّ يزيد ونبرأ ممّن ظلمك وظلمنا .

فقال عليه السلام : هيهات هيهات! أيّها الغدرة المكرة! حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم ، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم إلى أبي من قبل؟! كلّا وربّ الراقصات ، فإنّ الجرح

1.۱۹۹

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6305
صفحه از 512
پرینت  ارسال به