393
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

بفيك أيّها القائل الكَثَكثُ والأَثلَبُ ، افتخرت بقتل قوم زكّاهم اللَّه وأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فاكظم واقعِ كما أقعى أبوك ، فإنّما لكلّ امرء ما اكتسب وما قدّمت يداه ، أحسدتمونا - ويلاً لكم - على ما فضلنا اللَّه؟!

شعر :

فَما ذَنبُنا أن جاشَ دَهراً بُحورُناوبَحرُك ساجٍ لا يُواري الدَّعامِصا
ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء ، واللَّه ذو الفضل العظيم ، ومن لم يجعل اللَّه له نوراً فما له من نور .

قال : وارتفعت الأصوات بالبكاء ، وقالوا : حسبك يابنت الطيّبين ، فقد أحرقتِ قلوبَنا ، وأنضحتِ نحورنا ، وأضرمتِ أجوافنا ، فسكتت .

۱قال : وخطبت اُمّ كلثوم ابنة عليّ عليه السلام في ذلك اليوم من وراء كلّتها ، رافعة صوتها بالبكاء ، فقالت :
يا أهل الكوفة ، سوءاً لكم! مالكم خذلتم حسيناً وقتلتموه ، وانتهبتم أمواله وورثتموه ، وسبيتم نساءه ونكبتموه؟! فتبّاً لكم وسحقاً .

ويلكم! أتدرون أيّ دواه دهتكم؟ وأيّ وزر على ظهوركم حملتم؟ وأيّ دماء سفكتموها؟ وأيّ كريمة اهتضمتموها؟ وأيّ صبية سلبتموها؟ وأيّ أموال نهبتموها؟ قتلتم خير رجالات بعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، ونزعت الرحمة من قلوبكم ، ألا إنّ حزب اللَّه هم الغالبون وحزب الشيطان هم الخاسرون .

ثمّ قالت :

قَتَلتُم أَخي صَبراً فَوَيلٌ لأُمِّكُمُ‏سَتُجزون ناراً حَرُّها يَتَوَقَّدُ
سَفَكتُم دِماءً حَرَّمَ اللَّهُ سَفكَهاوحَرَّمَها القُرآنُ ثُمَّ مُحمَّدُ
أَلا فابشِروا بالنارِ إنَّكُم غَداًلَفي قَعرِ نارٍ حَرُّها يَتَصَعَّدُ
وإِنّي لأَبكي في حَياتي عَلى أخي‏عَلى خَيرِ مَن بَعدَ النبِيِّ سَيولَدُ
بِدَمعٍ غَزيرٍ مُستَهَلٍّ مُكَفكَفٍ‏على الخَدِّ منّي دائبٌ لَيس يَحمَدُ
قال الراوي : فضجَّ الناس بالبكاء والنحيب والنوح ، ونشر النساء ۲شعورهنّ ، وحثين الترابَ على رؤوسهنّ ، وخمشن وجوههنّ ، ولطمن خدودهنّ ، ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال ونتفوا لحاهم ، فلم يُرَ باكية وباكٍ أكثر من ذلك اليوم .

1.۱۹۷

2.۱۹۸


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
392

بكم ، وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسناً ، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا ، فنحن عيبة علمه ، ووعاء فهمه وحكمته ، وحجّته على أهل الأرض في بلاده لعباده ، أكرمنا اللَّه بكرامته وفضّلنا بنبيّه محمّد صلى اللّه عليه و آله على كثير ممّن خلق تفضيلاً بيّناً ، فكذّبتمونا ، وكفّرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالاً وأمولنا نهباً ، كأنّنا أولاد ترك أو كابل ، كما قتلتم جدّنا بالأمس ، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت ، لحقد متقدّم ، قرّت لذلك عيونكم ، وفرحت قلوبكم ، افتراء على اللَّه ومكراً مكرتم ، واللَّه خير الماكرين .

فلا تدعونّكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ، ونالت أيديكم من أموالنا ، فإنّ ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة في كتاب من ۱قبل أن نبرأها ، إنّ ذلك على اللَّه يسير؛ «لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى‏ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا ءَاتَاكُمْ وَ اللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ» .

تبّاً لكم ، فانتظروا اللعنة والعذاب ، فكأن قد حلّ بكم ، وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب ، ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثمّ تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنة اللَّه على الظالمين .
ويلكم! أتدرون أيّة يد طاعنتنا منكم؟! وأيّة نفس نزعت إلى قتالنا؟! أم بأيّة رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا؟! قست - واللَّه - قلوبكم ، وغلظت أكبادكم ، وطبع على أفئدتكم ، وختم على أسماعكم وأبصاركم ، وسوّل لكم الشيطان وأملى لكم ، وجعل على بصركم غشاوة ، فأنتم لا تهتدون .

فتباًّ لكم يا أهل الكوفة! أيّ ترات لرسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله قبلكم ، وذحول له لديكم ، بما عندتم بأخيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام جدّي ، وبنيه وعترة النبيّ الأخيار صلوات اللَّه وسلامه عليهم؟! وافتخر بذلك مفتخركم فقال :

نَحنُ قَتَلنا عليّاً وبَني عَليّبِسُيوفٍ هِنديَّةٍ وَرِماحِ‏
۲وَسَبَينا نِساءَهُم سَبيَ تُركِ‏ونَطَحناهُم فَأَيَّ نِطاحِ‏

1.۱۹۵

2.۱۹۶

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6304
صفحه از 512
پرینت  ارسال به