391
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

وأيّ دم له سفكتم؟! وأيّ حُرمة له انتهكتم؟! لقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء . وفي بعضها : خرقاء شوهاء ، كطلاع الأرض وملاء السماء .

أفعجبتم أن مطرت السماء دماً؟! ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون ، فلا يستخفّنّكم المهل ، فإنّه لا يحفزه البدار ولا يخاف فوت الثار ، وإنّ ربّكم لبالمرصاد .

قال الراوي : فواللَّه ، لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون ، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم ،۱ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتّى اخضلّت لحيته وهو يقول : بأبي أنتم واُمّي كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم خير نسل ، لا يخزى ولا يبزى .

وروى زيد بن موسى ، قال : حدّثني أبي عن جدّي عليهم السلام قال : خطبت فاطمة الصغرى عليها السلام بعد أن وردت من كربلاء ، فقالت :
الحمد اللَّه عدد الرمل والحصى ، وزنة العرش إلى الثرى ، أحمده واُؤمن به وأتوكّل عليه ، وأشهد أن لا إله إلّا اللَّه ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً صلى اللّه عليه و آله عبده ورسوله ، وأنّ ذرّيّته ذبحوا بشطّ الفرات ، بغير ذحل ولا ترات .

اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب ، وأن أقول عليك خلاف ما أنزلت ، من أخذ العهود لوصيّة عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، المسلوب حقّه ، المقتول بغير ذنب كما قتل ولده بالأمس في بيت من بيوت اللَّه ، فيه معشر مسلمة بألسنتهم ، تعساً لرؤوسهم ، ما دفعت عنه ضيماً في حياته ولا عند مماته! حتّى قبضته إليك محمود النقيبة ، طيّب العريكة ، معروف المناقب ، مشهور ۲المذاهب ، لم تأخذه اللّهمّ فيك لومة لائم ، ولا عذل عاذل ، هديته يا ربّ للإسلام صغيراً ، وحمدت مناقبه كبيراً ، ولم يزل ناصحاً لك ولرسولك صلواتك عليه وآله حتّى قبضته إليك ، ، زاهداً في الدنيا ، غير حريص عليها ، راغباً في الآخرة ، مجاهداً لك في سبيلك ، رضيته فاخترته وهديته إلى صراط مستقيم .

أمّا بعد؛ يا أهل الكوفة ، يا أهل المكر والغدر والخيلاء! فإنّا أهل بيت ابتلانا اللَّه

1.۱۹۳

2.۱۹۴


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
390

نحن اُسارى آل محمّد صلى اللّه عليه و آله . فنزلت من سطحها ، فجمعت ملاء واُزراً ومقانع ، فأعطتهنّ ، فتغطين .

۱قال الراوي : وكان مع النساء عليّ بن الحسين عليه السلام ، قد نهكته العلّة ، والحسن بن الحسن المثنّى ، وكان قد واسى عمّه وإمامه في الصبر على الرماح ، وإنّما ارتثّ وقد اُثخن بالجراح . وكان معهم أيضاً زيد وعمرو ولدا الحسن السبط .

۲فجعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون .
فقال عليّ بن الحسين عليه السلام : أتنوحون وتبكون من أجلنا؟!! فمن الذي قتلنا؟!!
قال بشير بن خزيم الأسدي : ونظرت إلى زينب ابنة عليّ عليه السلام يومئذ ، فلم أر خفرة قطّ أنطق منها ، كأنّها تفرغ من لسان أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا ، فارتدّت الأنفاس وسكنت الأجراس ، ثمّ قالت : الحمد للَّه ، والصلاة على جدّي محمّد وآله الطيّبين الأخيار .

أمّا بعد؛ يا أهل الكوفة ، ياأهل الختل والغدر ، أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنّة ، إنّما مثلكم كمثل التي نَقَضَت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً ، تتّخذون أيمانكم دُخلاً بينكم ، ألا وهل فيكم إلّا الصلف والنطف ، والصدر والشنف ، وملق الإماء ، وغمز الأعداء؟! أو كمرعى على دمنة ، أو كفضّة على ملحودة ، ألا ساء ما قدّمت لكم أنفُسُكُم أن سخط اللَّه عليكم وفي العذاب أنتم خالدون .

۳تبكون وتنتحبون؟! إي واللَّه ، فأبكوا كثيراً ، واضحكوا قليلاً ، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً ، وأنّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوّة ، ومعدن الرسالة ، وسيّد شاب أهل الجنّة ، وملاذ خيرتكم ، ومفرغ نازلتكم ، ومنار حجّتكم ، ومدرة سنتكم؟! ألاساء ما تزرون ، وبعداً لكم وسحقاً ، فلقد خاب السعي ، وتبّت الأ يدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من اللَّه ، وضربت عليكم الذلّة والمسكنة .

ويلكم يا أهل الكوفة! أتدرون أيّ كبد لرسول اللَّه فريتم؟! وأيّ كريمة له أبرزتم؟!

1.۱۹۰

2.۱۹۱

3.۱۹۲

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6312
صفحه از 512
پرینت  ارسال به