قالت الجارية : فأسرعت إلى سيّداتي وأنا أصيح ، فقمن في وجهي وصحن .
قال : وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرّة عين الزهراء البتول ، حتّى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة عن ظهرها ، وخرج بنات رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وحريمه يتساعدن على البكاء ، ويندبن لفراق الحماة والأحبّاء .
فروى حميد بن مسلم ، قال : رأيت امرأة من بني بكر بن وائل كانت مع زوجها في أصحاب عمر بن سعد ، فلمّا رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين عليه السلام في فسطاطهنّ وهم يسلبونهنّ ، أخذت سيفاً وأقبلت نحو الفسطاط وقالت : يا آل بكر بن وائل ، أتسلب بنات رسول اللَّه؟!! لا حكمَ إلّا للَّه ، يالثارات رسول اللَّه ، فأخذها زوجها فردّها إلى رحله .
قال الراوي : ثمّ أخرجوا النساء من الخيمة وأشعلوا فيها النار ، فخرجن حواسر مسلّبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلّة .
وقلن : بحقّ اللَّه إلّا ما مررتم بنا على مصرع الحسين ، فلمّا نظر النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههنّ .
قال : فواللَّه ، لا أنسى زينب ابنة عليّ وهي تندب الحسين عليه السلام وتنادي بصوت ۱حزين وقلب كئيب : وا محمّداه! صلّى عليك مليك السماء ، هذا حسين بالعراء! مرمّل بالدماء! مقطّع الأعضاء! وا ثكلاه! وبناتك سبايا! إلى اللَّه المشتكى ، وإلى محمّد المصطفى ، وإلى عليّ المرتضى ، وإلى فاطمة الزهراء ، وإلى حمزة سيّد الشهداء .
وا محمّداه! وهذا حسين بالعراء ، تسفي عليه ريح الصباء ، قتيل أولاد البغايا! واحزناه ، واكرباه عليك يا أبا عبداللَّه! اليوم مات جدّي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله . يا أصحاب