فبدر إليه خوليّ بن يزيد الأصبحي ليحتزّ رأسه ، فأرعد ، فنزل إليه سنان بن أنس النخعي (لعنه اللَّه) فضربه بالسيف في حلقه الشريف وهو يقول : واللَّه ، إنّي لأحتزّ رأسك وأعلم أنّك ابن رسول اللَّه وخير الناس أباً وأماً!!! ثمّ احتز رأسه الشريف عليه السلام .
وفي ذلك يقول الشاعر :
فأيّ رزيّة عدلت حُسَيناًغَداةَ تَبيرَهُ كفّا سنان
وروي : أنّ سناناً هذا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة ، ثمّ قطع يديه ورجليه ، وأغلى له قدراً فيها زيت ، ورماه فيها وهو يضطرب .
وروى أبوطاهر محمّد بن الحسين البرسي في كتابه معالم الدين ، عن الصادق عليه السلام قال : لمّا كان من أمر الحسين ما كان ، ضجّت الملائكة وقالوا : يا ربّنا هذا الحسين صفيّك وابن صفيّك وابن بنت نبيّك؟!
۱قال : فأقام اللَّه ظلّ القائم عليه السلام وقال : بهذا أنتقم لهذا .
قال الراوي : وارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة ، فيها ريح حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتّى ظنّ القوم أنَّ العذاب قد جاءهم ، فلبثوا كذلك ساعة ، ثمّ انجلت عنهم .
وروى هلال بن نافع ، قال : إنّي لواقف مع أصحاب عمر بن سعد إذ صرخ صارخ : أبشر أيّها الأمير ، فهذا شمر قد قَتَلَ الحسين عليه السلام .
قال : فخرجت بين الصفّين ، فوقفت عليه ، فإنّه ليجود بنفسه ، فواللَّه ، ما رأيت قتيلاً مضمّخاً بدمه أحسن منه ولا أنور وجهاً ، ولقد شغلني نورُ وجهِهِ وجمال هيّأته عن الفكر في قتله ، فاستسقى في تلك الحال ماءً ، فسمعت رجلاً يقول له : واللَّه ، لا تذوق الماء حتّى ترد الحامية ، فتشرب من حميمها!!!
فقال له الحسين عليه السلام : لا ، بل أرد على جدّي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وأشرب من ماء غير آسن ، وأشكو إليه ما ارتكبتم منّي وفعلتم بي .