اُثخن بالجراح . فالتفتَ إلى الحسين عليه السلام وقال : يابن رسول اللَّه أوفيت؟
قال : نعم ، أنت أمامي في الجنّة ، فاقرأ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله عنّي السلام وأعلمه أنّي في الأثر ، ۱فقاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .
ثمّ برز جون مولى أبي ذرّ ، وكان عبداً أسوداً ، فقال له الحسين عليه السلام : أنت في إذنٍ منّي ، فإنّما تبعتنا طلباً للعافية ، فلا تبتل بطريقنا .
فقال : يا بن رسول اللَّه ، أنا في الرخاء أَلحسُ قصاعكم وفي الشدّة أخذلكم؟ واللَّه ، إن ريحي لمنتن ، وإنّ حسبي للئيم ولوني لأسود ، فتنفّس عليَّ بالجنّة ، فيطيب ريحي ، ويشرف حسبي ، ويبيضّ وجهي ، لا واللَّه ، لا اُفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم ، ثمّ قاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .
قال الراوي : ثمّ برز عمرو بن خالد الصيداوي ، فقال للحسين : ۱۶۴يا أبا عبداللَّه جعلت فداك ، قد هممت أن ألحقَ بأصحابي ، وكرهت أن أَتَخلّفَ فأراك وحيداً فريداً بين أهلك قتيلاً .
فقال له الحسين عليه السلام : تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة ، فتقدم فقاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .
قال الراوي : وجاء حنظلة بن سعد الشبامي ، فوقف بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام والسيوف والرماح بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي : يا قوم ، إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ، مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ، وما اللَّه يريد ظلماً للعباد ، ويا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم التناد ، يوم تولّون مدبرين مالكم من اللَّه من عاصم ، يا ۲قوم لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم اللَّه بعذابٍ ، وقد خاب من افترى .
ثمّ التفت إلى الحسين عليه السلام وقال : أفلا نروح إلى ربّنا ونلحق بأصحابنا؟ فقال له : بل رُح إلى ما هو خيرٌ لك من الدنيا وما فيها وإلى ملكٍ لا يبلى ، فتقدّم ، فقاتل قتال الأبطال ، وصبر على احتمال الأهوال حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .