377
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

قال : وحضرت صلاة الظهر ، فأمر الحسين عليه السلام زهير بن القين وسعيد بن عبداللَّه الحنفي أن يتقدّما أمامه بنصف من تخلّف معه ، ثمّ صلّى بهم صلاة الخوف ، فوصل إلى الحسين عليه السلام سهمٌ ، فتقدّم سعيد بن عبداللَّه الحنفي ، ووقف يقيه بنفسه ما زال ، ولا تخطّى حتّى سقط إلى الأرض وهو يقول : اللّهمّ العنهم لعن عادٍ وثمود ، اللّهمّ أبلغ نبيّك عنّي السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإنّي أردت ثوابك في نصر ذرّيّة نبيّك ، ثمّ قضى نحبه (رضوان اللَّه عليه) ، فوجد به ثلاثة عشر سهماً سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح .

قال الراوي : وتقدّم سويد بن عمر بن أبي المطاع ، وكان شريفاً كثير الصلاة ، فقاتل قتال الأسد الباسل ، وبالغ في الصبر على الخطب النازل ، حتّى ۱سقط بين القتلى وقد اُثخن بالجراح ، ولم يزل كذلك وليس به حراك‏حتّى سمعهم يقولون : قتل الحسين ، فتحامل وأخرج من خفّه سكيناً ، وجعل يقاتلهم بها حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .

قال : وجعل أصحاب الحسين عليه السلام يقاتلون بين يديه ، وكانوا كما قيل :

قَومٌ إذ نودوا لِدَفعِ مُلمّةٍوالخَيلُ بَين مُدعس ومُكردسِ‏
لَبسوا القُلوبَ على الدروعِ وأَقبلَوايَتهافَتون على ذِهاب الأَنفُسِ‏
فلمّا لم يبق معه إلّا أهل بيته ، خرج عليّ بن الحسين عليه السلام وكان من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً فاستأذن أباه في القتال ، فأذن له ، ثمّ نظر إليه نظرة آيسٍ منه ، وأرخى عينيه وبكى ، ثمّ قال : اللّهمّ اشهد ، فقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك صلى اللّه عليه و آله ، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه ، فصاح وقال : يابن سعد ، قطع اللَّه رحمك كما قطعت رحمي .

فتقدّم نحو القوم ، فقاتل قتالاً شديداً وقتل جمعاً كثيراً ، ثمّ رجع إلى أبيه وقال : يا أبه ، العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة ماء من سبيل؟

فبكى الحسين عليه السلام وقال : واغوثاه يا بني! من أينَ آتي بالماء؟ قاتل قليلاً ، فما

1.۱۶۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
376

اُثخن بالجراح . فالتفتَ إلى الحسين عليه السلام وقال : يابن رسول اللَّه أوفيت؟

قال : نعم ، أنت أمامي في الجنّة ، فاقرأ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله عنّي السلام وأعلمه أنّي في الأثر ، ۱فقاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .
ثمّ برز جون مولى أبي ذرّ ، وكان عبداً أسوداً ، فقال له الحسين عليه السلام : أنت في إذنٍ منّي ، فإنّما تبعتنا طلباً للعافية ، فلا تبتل بطريقنا .

فقال : يا بن رسول اللَّه ، أنا في الرخاء أَلحسُ قصاعكم وفي الشدّة أخذلكم؟ واللَّه ، إن ريحي لمنتن ، وإنّ حسبي للئيم ولوني لأسود ، فتنفّس عليَّ بالجنّة ، فيطيب ريحي ، ويشرف حسبي ، ويبيضّ وجهي ، لا واللَّه ، لا اُفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم ، ثمّ قاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .

قال الراوي : ثمّ برز عمرو بن خالد الصيداوي ، فقال للحسين : ۱۶۴يا أبا عبداللَّه جعلت فداك ، قد هممت أن ألحقَ بأصحابي ، وكرهت أن أَتَخلّفَ فأراك وحيداً فريداً بين أهلك قتيلاً .
فقال له الحسين عليه السلام : تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة ، فتقدم فقاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .

قال الراوي : وجاء حنظلة بن سعد الشبامي ، فوقف بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام والسيوف والرماح بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي : يا قوم ، إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ، مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ، وما اللَّه يريد ظلماً للعباد ، ويا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم التناد ، يوم تولّون مدبرين مالكم من اللَّه من عاصم ، يا ۲قوم لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم اللَّه بعذابٍ ، وقد خاب من افترى .

ثمّ التفت إلى الحسين عليه السلام وقال : أفلا نروح إلى ربّنا ونلحق بأصحابنا؟ فقال له : بل رُح إلى ما هو خيرٌ لك من الدنيا وما فيها وإلى ملكٍ لا يبلى ، فتقدّم ، فقاتل قتال الأبطال ، وصبر على احتمال الأهوال حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .

1.۱۶۳

2.۱۶۵

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6232
صفحه از 512
پرینت  ارسال به