قال : فمضى الحرّ ووقف موقفاً من أصحابه وأخذه مثل الإفكل ، فقال له المهاجر بن أوس : واللَّه ، إنّ أمرك لمريب ، ولو قيل : مَن أشجع أهل الكوفة لما عدوتك ، فما هذا الذي أراه منك؟
فقال : إنّي واللَّه ، اُخيّر نفسي بين الجنّة والنار ، فواللَّه ، لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت واُحرقت ، ۱ثمّ ضرب فرسه قاصداً إلى الحسين عليه السلام ويده على رأسه وهو يقول : اللّهمّ إنّي تبت إليك فتب عليَّ ، فقد أرعبت قلوبَ أوليائك وأولاد بنت نبيّك .
وقال للحسين : جعلت فداك ، أنا صاحبك الذي حبسك عن الرجوع وجعجع بك ، واللَّه ، ما ظننت أنّ القوم يبلغون بك ما أرى ، وأنا تائب إلى اللَّه ، فهل ترى لي من توبة؟
فقال الحسين عليه السلام : نعم يتوب اللَّه عليك فانزل ، فقال : أنا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً ، وإلى النزول يؤول آخر أمري ، ثمّ قال : فإذا كنت أوّل من خرج عليك ، فأذّن لي أن أكون أوّل قتيل بين يديك ، لعلّي أكون ممّن يصافح جدّك محمّداً غداً في القيامة .
قال جامع الكتاب : إنّما أراد أوّل قتيل من الآن؛ لأنّ جماعة قتلوا قبله كما ورد .
فأذن له ، فجعل يقاتل أحسن قتال حتّى قتل جماعة من شجعان وأبطال ، ثمّ استشهد ، فحمل إلى الحسين عليه السلام ، فجعل يمسح الترابَ عن وجهه ويقول : أنتَ الحرّ كما سمّتك اُمّك ، حرّ في الدنيا وحرّ في الآخرة .
قال الراوي : وخرج برير بن خضير ، وكان زاهداً عابداً ، فخرج إليه يزيد بن معقل واتّفقا على المباهلة إلى اللَّه في أن يقتل المحقّ منهما المبطل ، فتلاقيا ، فقتله برير ، ولم يزل يقاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .
۲قال : وخرج وهب بن حباب الكلبي ، فأحسن في الجلاد وبالغ في الجهاد ، وكان معه زوجته ووالدته ، فرجع إليهما وقال : يا اُمّاه ، أرضيت أم لا؟ فقالت : لا ، ما