375
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

رضيت حتّى تقتل بين يدي الحسين عليه السلام . وقالت امرأته : باللَّه عليك لا تفجعني في نفسك .

فقالت له اُمّه : يا بني ، اعزب عن قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيّك تنل شفاعة جدّه يوم القيامة .
فرجع ، ولم يزل يقاتل حتّى قطعت يداه ، فأخذت امرأته عموداً ، فأقبلت نحوه وهي تقول : فداك أبي واُمّي ، قاتل دون الطيّبين حرم رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فأقبل ليردّها إلى النساء ، فأخذت بثوبه ، وقالت : لن أعود دون أن أموت معك .

فقال الحسين عليه السلام : جزيتم من أهل بيتٍ خيراً ، ارجعي إلى النساء يرحمك اللَّه ، فانصرفت إليهنّ .
ولم يزل الكلبي يقاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .

ثمّ خرج مسلم بن عوسجة ، فبالغ في قتال الأعداء ، وصبر على أهوال البلاء ، حتّى سقط إلى الأرض وبه رمق ، فمشى إليه الحسين عليه السلام ومعه حبيب بن مظاهر ، فقال له الحسين عليه السلام : رحمك اللَّه يا مسلم ، «فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» . ودنا منه حبيب ، فقال : عزّ واللَّه عليَّ مصرعك يا مسلم أبشر بالجنّة .

۱فقال له بصوت ضعيف : بشّرك اللَّه بخيرٍ ،ثمّ قال له حبيب : لولا أنّني أعلم أنّي في الأثر لأحببت أن توصي إليَّ بكلّ ما أهمّك .

فقال له مسلم : فإنّي أوصيك بهذا - وأشار بيده إلى الحسين عليه السلام - فقاتل دونه حتّى تموت . فقال له حبيب : لأنعمنّك‏عيناً ، ثمّ مات رضوان اللَّه عليه .

فخرج عمرو بن قرظة الأنصاري ، فاستأذن الحسين عليه السلام ، فأذن له ، فقاتل قتال المشتاقين إلى الجزاء ، وبالغ في خدمة سلطان السماء حتّى قَتَلَ جمعاً كثيراً من حزب ابن زياد ، وجمع بين سداد وجهاد ، وكان لا يأتي إلى الحسين عليه السلام سهمٌ إلّا اتّقاه بيده ، ولا سيف إلّا تلقّاه بمهجته ، فلم يكن يصل إلى الحسين عليه السلام سوء ، حتّى

1.۱۶۲


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
374

قال : فمضى الحرّ ووقف موقفاً من أصحابه وأخذه مثل الإفكل ، فقال له المهاجر بن أوس : واللَّه ، إنّ أمرك لمريب ، ولو قيل : مَن أشجع أهل الكوفة لما عدوتك ، فما هذا الذي أراه منك؟

فقال : إنّي واللَّه ، اُخيّر نفسي بين الجنّة والنار ، فواللَّه ، لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت واُحرقت ، ۱ثمّ ضرب فرسه قاصداً إلى الحسين عليه السلام ويده على رأسه وهو يقول : اللّهمّ إنّي تبت إليك فتب عليَّ ، فقد أرعبت قلوبَ أوليائك وأولاد بنت نبيّك .

وقال للحسين : جعلت فداك ، أنا صاحبك الذي حبسك عن الرجوع وجعجع بك ، واللَّه ، ما ظننت أنّ القوم يبلغون بك ما أرى ، وأنا تائب إلى اللَّه ، فهل ترى لي من توبة؟

فقال الحسين عليه السلام : نعم يتوب اللَّه عليك فانزل ، فقال : أنا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً ، وإلى النزول يؤول آخر أمري ، ثمّ قال : فإذا كنت أوّل من خرج عليك ، فأذّن لي أن أكون أوّل قتيل بين يديك ، لعلّي أكون ممّن يصافح جدّك محمّداً غداً في القيامة .

قال جامع الكتاب : إنّما أراد أوّل قتيل من الآن؛ لأنّ جماعة قتلوا قبله كما ورد .
فأذن له ، فجعل يقاتل أحسن قتال حتّى قتل جماعة من شجعان وأبطال ، ثمّ استشهد ، فحمل إلى الحسين عليه السلام ، فجعل يمسح الترابَ عن وجهه ويقول : أنتَ الحرّ كما سمّتك اُمّك ، حرّ في الدنيا وحرّ في الآخرة .

قال الراوي : وخرج برير بن خضير ، وكان زاهداً عابداً ، فخرج إليه يزيد بن معقل واتّفقا على المباهلة إلى اللَّه في أن يقتل المحقّ منهما المبطل ، فتلاقيا ، فقتله برير ، ولم يزل يقاتل حتّى قتل رضوان اللَّه عليه .

۲قال : وخرج وهب بن حباب الكلبي ، فأحسن في الجلاد وبالغ في الجهاد ، وكان معه زوجته ووالدته ، فرجع إليهما وقال : يا اُمّاه ، أرضيت أم لا؟ فقالت : لا ، ما

1.۱۶۰

2.۱۶۱

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6229
صفحه از 512
پرینت  ارسال به