371
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فكاك ابنك . فقال : أكلتني السباع حياًّ إن فارقتك .

قال : فأعط ابنك هذه البرود يستعين بها في فكاك أخيه ، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار .
قال الراوي : وبات الحسين عليه السلام وأصحابه تلك الليلة ولهم دويٌّ كدويّ النحل ، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر ابن سعد اثنان وثلاثون رجلاً .

قال : فلمّا كان الغداة أمر الحسين عليه السلام بفسطاطه فضرب وأمر بجفنة فيها مسك كثير وجعل فيها نورة ، ثمّ دخل ليطلي ، فروي : أنّ برير بن حصين الهمداني وعبدالرحمن بن عبد ربّه ۱الأنصاري وقفا على باب الفسطاط ليطليا بعده ، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن ، فقال له عبدالرحمن : يا برير ، أتضحك؟! ما هذه ساعة ضحك ولا باطل .

فقال برير : لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شابّاً ، وإنّما أفعل ذلك استبشاراً بما نصير إليه ، فواللَّه ، ما هو إلّا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم بها ساعة ، ثمّ نعانق الحور العين .

قال الراوي : وركب أصحاب عمر بن سعد ، فبعث الحسين عليه السلام برير بن حصين فوعظهم فلم يسمعوا وذكّرهم فلم ينتفعوا ، فركب الحسين عليه السلام ناقته - وقيل : فرسه - فاستنصتهم فأنصتوا ، فحمد اللَّه وأثنى عليه وذكره بما هو أهله ، وصلّى على محمّد صلى اللّه عليه و آله وعلى الملائكة والأنبياء والرسل ، وأبلغ في المقال ، ثمّ قال :

تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً حين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين ، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم ، وحششتم علينا ناراً اقتدحناها ۲على عدوّنا وعدوّكم ، فأصبحتم أولياء لأعدائكم على أوليائكم بغير عدلٍ أفشوه فيكم ولا أملٍ أصبح لكم فيهم!

فهلّا - لكم الويلات - تركتمونا والسيف مشيمٌ ، والجأش ضامرٌ ، والرأيُ لمّا

1.۱۵۵

2.۱۵۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
370

اذهبوا فقد أذنت لكم .

وروي من طريق آخر ، قال : فعندها تكلّم إخوته وجميع أهل بيته وقالوا : يابن رسول اللَّه ، فماذا يقول الناس لنا؟! وماذا نقول لهم ، إذ تركنا شيخنا وكبيرنا وسيّدنا وإمامنا وابن بنت نبيّنا ، لم نرم معه بسهم ولم نطعن معه برمح ولم نضرب معه بسيف؟! لا واللَّه يابن رسول اللَّه ، لا نفارقك أبداً ، ولكنّا نقيك بأنفسنا حتّى نقتل بين يديك ونرد موردك ، فقبّح اللَّه العيش بعدك .

ثمّ قام مسلم بن عوسجة ، وقال : نحن نخلّيك هكذا وننصرف عنك وقد أحاط بك هذ العدوّ؟! لا واللَّه ، لا يراني اللَّه أبداً وأنا أفعل ذلك حتّى أكسر في صدورهم رمحي ، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمة بيدي ، ولو لم يكن لي سلاح اُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ، ولم اُفارقك أو أموت دونك .

۱قال : وقام سعيد بن عبداللَّه الحنفي فقال : لا واللَّه يابن رسول اللَّه ، لا نخلّيك أبداً حتّى يعلم اللَّه أنّا قد حَفَظنا فيكَ وصيّةَ رسوله محمّد صلى اللّه عليه و آله ، ولو علمت أنّي اُقتل فيك ، ثمّ اُحيا ، ثمّ اُحرق حيّاً ، ثمّ اُذرَى يفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى اُلقى حمامي من دونك ، فكيف وإنّما هي قتلة واحدة ثمّ أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً؟!

ثمّ قام زهير بن القين وقال : واللَّه يابن رسول اللَّه ، لوددت أنّي قتلت ، ثمّ نُشرت ألفَ مَرَّةٍ وأنّ اللَّه يدفع بذلك القتل عنك وعن هؤلاء الفتية من إخوتك وولدك وأهل بيتك .

قال : وتكلّم جماعة من أصحابه بمثل ذلك وقالوا : أنفسنا لك الفداء ، نقيك بأيدينا ووجوهنا ، فإذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربّنا وقضينا ما علينا .
وقيل لمحمّد بن بشير الحضرمي في تلك الحال : قد اُسر ابنك بثغر الريّ ، ۲فقال : عند اللَّه أحتسبه ونفسي ، ما كنت اُحبّ أن يُؤسر وأن أبقى بعده!

فسمع الحسين عليه السلام قوله فقال : رحمك اللَّه ، أنت في حلٍّ من بيعتي ، فاعمل في

1.۱۵۳

2.۱۵۴

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6267
صفحه از 512
پرینت  ارسال به